القدس ــ مصطفى مصطفىلعلّ دور «فضائية فلسطين» التي ما زالت تعتمد حتى اليوم على أرشيف التلفزيونين الأردني والمصري، ينحصر في جانب تعبوي ضد «حركة حماس» و«فضائية الأقصى». تُخصص المحطة معظم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية كـ«الكلام مسموح» للحديث عن «شرعية السلطة» و«انقلاب غزة». وقد يكون استغلال الفضائية لعدوان غزة بهدف تحميل مسؤولية نتائجه لـ«حماس»، أفضل تجسيد لهذا الدور التعبوي. لكنّ المحطة التي أُريد لها، لدى تأسيسها بعد اتفاقية أوسلو، منافسة الفضائيات العربية، يتمنّى لها مُريدوها اليوم الشفاء العاجل. البيروقراطية وضعف الأداء المهني والفساد عوامل أدت إلى تراجع مكانتها ليس فقط كوسيلة إعلامية بل أيضاً كمنبر أساسي لحركة فتح و«سلطة رام الله» إلى جانب «إذاعة فلسطين» وصحيفة «الحياة الجديدة». وفي محاولة لسد الفراغ الإعلامي المرئي لسلطة رام الله الذي زادت «فضائية الأقصى» من اتساعه، أُطلقت فضائيتان فلسطينيتان هذا العام هما «الفلسطينية» و«فضائية حركة فتح» اللتان تندرجان ضمن خطاب سلطة رام الله، إذا علمنا أن المشرف على إنشائهما هو وزير الإعلام السابق نبيل عمرو. ولعلّ إطلاق فضائيتين خلال أشهر، وإغلاق إحداهما وهي «فضائية حركة فتح» بعد إنفاق مليون و200 ألف دولار لإنشائها، يَدل على أن تيار السلطة في رام الله يريد بديلاً بأيّ ثمن من «فضائية فلسطين»، وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

«فلسطين الغد» التي كلّفت 30 مليون دولار، هي منبر إعلامي آخر لسلطة رام الله

يُذكر أنّه يجري التحضير حالياً في رام لله لإطلاق فضائية جديدة هي «فلسطين الغد». ويتردّد عن تخصيص 30 مليون دولار لإنشاء هذه المحطة التي لن تكون سوى منبر آخر لسلطة رام الله، رغم الترويج بأنها مموَّلة من مستثمرين فلسطينيين وعرب أبرزهم المصري نجيب ساويرس. لكن هل ستنجح «فلسطين الغد»، أو «فضائية دحلان» كما تسمّيها بعض المدونات باعتبار الأخير صاحب فكرتها، في تحقيق توازن إعلامي بين سلطة رام الله وحكومة حماس؟
وبالعودة إلى «فضائية فلسطين»، فقد تكون فعاليات «القدس عاصمة الثقافة العربية 2009» مثالاً مناسباً للنظر في حالها. جعلت الفضائية من «القدس 2009» شعاراً فارغاً، وتعاطت مع الاحتفالية المتعثرة فولكلورياً. إذ اكتفت بوضع شعار «القدس 2009» في زاوية الشاشة كلما بثّت فقرات من عروض للدبكة والأغاني الشعبية المُقامة في «قصر رام الله الثقافي». وفي بثها برامج تتناول القدس، لا تتوانى عن تذكير المشاهد بأن البرامج تأتي ضمن «احتفالية القدس...»، رغم أنها لا تتضمن أي مادة ثقافية، كبرنامج «صباح الخير يا قدس» الذي يتناول بخطابه الإنشائي واقع المواطن الفلسطيني في القدس من باب تعارضه مع حقوق الإنسان، لا باعتبار القضية قضية تحرّر وطني وصراعاً مع احتلال، إضافة إلى برامج ميدانية في القدس كـ«طلات مقدسية» الأقرب إلى البرامج السياحية.