بشير صفير قدّم مروان عبادو أعماله الجديدة إلى الجمهور اللبناني خلال إطلالته الأخيرة في «الجامعة الأميركية في بيروت» (آذار/ مارس 2008). وها هو يصدر اليوم أسطوانة «نرد» التي تمحورت حولها تلك الحفلة. الفنان الفلسطيني الأصل، الذي ولد في بيروت ويقيم في فيينا منذ عام 1985، بات من الأسماء التي ترمز إلى صوت الشتات الفلسطيني. من «دوائر» إلى «ابن الجنوب» و«راينسبوتينغ» وصولاً إلى «قبيلة»، اشتُهر مروان عبادو كواحدٍ من الفنانين المعاصرين الذين حملوا ـــــ في بعض أغانيهم ـــــ هموم ناسهم ومعاناتهم وعاداتهم إلى العالم. وعلى رغم تخصيصه حصةً كبيرةً للمقطوعات الموسيقية، تمسّك عبادو بالأغنية، وفرد لها المساحة التي يحتاج إليها لنقل الصورة بشكل واضح ومباشر من خلال الكلمة. لكن كل ذلك لا يجعله بمنأى عن النقد، متى كان المجال متاحاً لمقاربة من هذا النوع.



مقطع من "في الشارع"








تضمّ أسطوانته الجديدة «نرد»، خمس مقطوعات موسيقيّة، وخمس أغنيات (كتب كلماتها مروان عبادو وسلمان مصالحة وطارق الطيب). في الأغنيات، يتولّى مروان عبادو الغناء. وفي الغناء، جمالُ صدْق التعبير يسيرُ جنباً إلى جنب مع النشاز حيناً (مطلع



مقطع من "كلّ يوم"










أغنية «في الشارع» على سبيل المثال)، ومع الأداء الصحيح أحياناً. أما النبرة، فمسألة ذوق شخصي. قد نعشقها وقد تزعجنا. قد تلفتنا في النصوص الوجدانية الجدية («يا صاحب

حمل هموم ناسه إلى العالم، لكنّ ذلك لا يجعله بمنأى عن النقد

الدنّ»، «لفظ»، «كلّ يوم»...) وقد نفضّلها في الأخرى الشعبية الملأى بالحركة («يا رايحين») أو الساخرة («في الشارع»). لكن في شتى الحالات، من المفيد أن نتيقَّن أنَّ مروان عبادو لا يستثمر صوته كطلب انتساب إلى «نادي» المطربين، بل كمجرد وسيلة لإيصال الرسالة.
يشارك في تنفيذ الأعمال موسيقيون بارعون تقنياً، اعتادوا العمل مع عبادو (عود وغناء)، هُم جوانا لويس (كمان)، بيتر روزمانيث (إيقاعات)، غيورغ غراف (كلارينت وساكسوفون) وميكي ليبرمان (غيتار). وهذه التركيبة الموسيقية تتيح مجالاً لكتابة هارمونية أوسع ممّا هو حاضر في جميع المقطوعات.
علماً أنّه في بعض اللحظات، تصل هذه الإمكانية إلى درجة الحتمية. لذا تصبح أجزاء العزف المنفرد (الحر أحياناً) محطات منتظَرة، تفوق قيمتها ما يحيط بها من عزف جَماعي.