قليلٌ من أبناء هذا الجيل يعرف شكل رشيد. يعرفون صوته الساخر الصارخ، وهو يحكي عن رجل «يفرد، ومخه معكوف». أمّا صورته فلم يسبق لبعضنا أن رآها سابقاً. اليوم يحتلّ زياد الرحباني، مؤدياً رشيد في مسرحية «فيلم أميركي طويل»، غلاف مجلّة «الآداب» في عددها الصادر أخيراً (11\12ــــ 2009). نراه بملابس نوم مخططة، ونظارتين غليظتين، يطلق صرخة غاضبة. تحت عنوان «زياد الرحباني: صائد التحولات... والانكسارات (1)» تقدِّم المجلّة الجزء الأول من ملف أعده أكرم الريّس. «يهدف هذا الملف إلى الاقتراب من عالم زياد الرحباني مستعيناً بمنهجيات البحث في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة». يؤرِّخ الياس سحاب لمراحل النضج الموسيقي عند صاحب «شي فاشل»، في الموسيقى والمسرح والإذاعة. من جهته يلقي مسعود الضاهر الضوء على مكانة زياد في ولادة ثقافة مغايرة في لبنان.الناقدة خالدة سعيد، تقدم مراجعة شاملة للمشروع الرحباني ــــ الفيروزي منذ الآباء المؤسسين وصولاً إلى «الثائر» أي زياد، متوقفةً عند آخر إنتاجاته مع والدته فيروز. أمّا طلال وهبة، فيقدم تشريحاً زمنياً لأغنية «البوسطة» كقصيدة. من جهته يراجع مازن حيدر مواضيع الذاكرة والملل والفضاء المصغر في أغنيات «كبيرة المزحة هاي» و«اشتقتلك» و«مش كاين هيك تكون». واختارت يارا الغضبان في بحثها الأنثروبولوجي لزياد أن تموضع

مقاربة عالم زياد من خلال العلوم الإنسانيّة

إنتاجه، «النقدي منه والطوباوي»، في «الإطار الأوسع للفن ما بعد الكولونيالي وللإنتاج الثقافي في العالم العربي». يكشف الملف جوانب ليست شائعة في الإنتاج الزيادي، أبرزها أعماله في الموسيقى التصويريّة من إعداد أكرم الريّس. وفي الملف شهادة لريما الرحباني، أخت زياد الصغيرة التي كان يفاخر بقدرتها على حمل صينية القهوة وهي مرتدية الباتين. نتابع أيضاً بالصورة شهادةً لليال الرحباني (1960 ــــ 1988) شقيقة زياد الراحلة، التي رافقته بكاميرتها غالباً. شهاداتٌ أخرى نقرأها بقلم عدنيّة شبلي وسهيل خوري، إضافةً إلى شهادة مشتركة وقعتها الصحافية سحر مندور والرسامة لينا مرهج. في العدد أيضاً، كلمات أغاني زياد المعروفة، والكثير من الصور.
يمكن متتبعي «الآداب» أن يجدوا في عددها الجديد الجزء الثاني من ملف «الأرض الواعدة: الدولة الديموقراطيّة في فلسطين التاريخيّة» مع مقالات تتمحور حول «حلّ الدولة الواحدة» من خلال مقاربات عدّة إحداها للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه. على أن تستكمل الآداب اصطياد ملامح زياد في العدد المقبل، مع دراسات وشهادات إضافيّة.