ليال حدادفي وقت يترقّب فيه العرب نتيجة المباراة الفاصلة اليوم بين منتخَبَي الجزائر ومصر، لا يضيّع مشجّعو البلدين وقتهم. ها هم يستكملون حفلة الشتائم المتبادلة على الشبكة العنكبوتية... «الجزائر أسياد مصر»، «سيبقى المصريون عبيداً ولو بعد ألف عام»، «لكلّ فرعون موسى وللمصريين محاربو الصحراء»، «عاجل: مقتل ثمانية مشجّعين جزائريين بعد انتهاء المباراة يوم السبت»، «ليهتمّ المصريون بالرقص الشرقي وسنهتمّ نحن بالكرة»، هذه عيّنة من التعليقات المكتوبة على الجبهة الجزائرية المشتعلة على موقع «فايسبوك».
ليس الوضع مختلفاً في المجموعات المصرية: «ليس في الجزائر رجال، كلّهم مخنّثون»، «أهبل شعب في العالم مين؟ أكيد الجزائريين»، «على أيّ جزائري يتوجّه إلى ملعب القاهرة أن يقوم بالآتي: يودّع أبويه وأولاده لأنه من الممكن أن تكون المرة الأخيرة التي يراهم فيها. ولو عنده ميراث فالأفضل أن يكتب وصيّته من الآن. إضافةً إلى تبليغ السلطات المصرية بمكان مقابره حتى لا يدفن في مكان غير مقابر أهله»!
وقد تجاوز عدد أعضاء هذه المجموعات، الآلاف، فيما بقيت المجموعات الداعية إلى الوحدة العربية وتخفيف الاحتقان بين الشعبَين المصري والجزائري شبه مهجورة. وبالطبع، تخطّى حديث هذه المجموعات حدود كرة القدم، ليبلغ حدّ الهستيريا الشوفينية، والتعصّب الذي كشف حجم الكبت السياسي و... الجنسي الذي تعيشه الشعوب العربية.
هكذا ركّزت الاتهامات المصرية على التحرّر الجنسي الذي يعيشه الجزائريون، واختلاطهم بالشعب الفرنسي «المنحلّ أخلاقياً»، فيما تحدّث الجزائريون عن بيع المصريين نساءهم للإسرائيليين «لذلك لا يفتحون معبر رفح، كي لا يكتشف العالم الدعارة القائمة بين نظام مبارك والصهاينة».
وللسياسة أيضاً نصيبها في تراشق الاتهامات. الجزائريون الذي يفاخرون بأنهم بلد «المليون شهيد» تحوّلوا في نظر بعض المصريين إلى أفريقيين لا يجيدون العربية، إضافةً إلى ابتعادهم عن الصراع ـــــ العربي الإسرائيلي. الاتهام الأخير كان كفيلاً بإشعال حرب تخوين أخرى. إذ ذكّر الجزائريون شعب مصر بأنهم «هم من جلب العار إلى الأمة العربية، بتوقيع اتفاق سلام مع الإسرائيليين»، كما أنهم هم «من كسر شوكة الأمة بهزيمة عام 1967».
وإن كانت المعارك «الفايسبوكية» قد تحوّلت إلى وسيلة مواجهة تقليدية، فإنّ أغنية الراب دخلت على الخطّ لتغزو موقع «يوتيوب» ومواقع تنزيل الأغاني. «افتحوا أبواب مصر نحن قادمون» هي الأغنية الجزائرية الأشهر التي كتبها وغنّاها فارس ولد العلمة: «جايينكو من كل جهة... نخترق إسرائيل ونفوت من معبر رفح... يلا يا شحاتة... حبة وتاتا تاتا، الجزاير حتشيل تلاتة... دي حاجة تموّت من الضحك ما تجي تسمعها... بيقولوا حررونا وعلمّونا العربية... طب إفتح ودانك وإسمع مني الكلمة ديا... إفتحوا أبواب مصر نحن قادمون... سنعيد قصة الشيشناق والفرعون... الشيشناق الأمازيغي سيعود من جديد... ليكتب التاريخ فوق النيل والصعيد...سنرفع الأعلام في سماء القاهرة... الكلاب تنبح والقافلة تسير...».
الردّ المصري جاء سريعاً بأغنية لم تكن ألطف: «سمعنا إنه عاملينها الشباب من الجزائر غنوة تعصّب أي حدّ وتخلّي الدم فاير... بدأوها بدرس تاريخ عن الثورة والنضال... إن همّا شعب الثورة وكل رموزهم من الأبطال... معنديش أي اعتراض بس إحنا كنا معاكم وقت الثورة وقت النصر... جميلة بوحيرد أيوه عملنا فيلم عليها... وهقولك حاجة كمان إسأل عليها أجدادك محمد فوزي فنان مصري لحنلك نشيد بلادك... بتكلمني عن العروبة وتقولي Algerie... يا عبيط بطل تنطيط...».