القاهرة ـــ محمد عبد الرحمنمهما كانت نتيجة المباراة الفاصلة التي تقام اليوم في الخرطوم بين منتخبي مصر والجزائر وتحسم الفريق المتأهّل لـ«مونديال 2010»، فإنّ تبعات الأزمة بين البلدين ستظل مستمرّة. المعركة الرياضية تحوّلت إلى قضية حياة أو موت! وما فعله الإعلام في القاهرة والجزائر على السواء، فعلَ فعله وأفسد العلاقات بين الشعبين الشقيقين.
في الجزائر، بات واضحاً أنّ صحفاً تتعامل مع المباراة على أنّها قضيّة انتصار قومي يجعلها تضحّي بأخلاقيات المهنة. بالمناسبة، هذه الصحف هي نفسها التي تنشر عادةً مقابلات فنية مشكوك في صحتها. لكنّ تلك المقابلات تظلّ أهون بكثير مما نشرته من أخبار عن مصرع سبعة مشجّعين جزائريين، وإجهاض مشجّعة حامل، وتفتيش الشرطة المصرية لملابس النساء... إلى أن فعلت التعبئة فعلها في الجماهير وحاصر مئات الجزائريين المصالح والرعايا المصريين في بلد المليون شهيد.
وفي مصر، كانت المعركة الإعلاميّة جارية على قدم وساق في الصحف والتلفزيون. برامج الـ «توك شو» كـ«الحياة اليوم» و«العاشرة مساءً» حشدت الاهتمام المصري بما جرى في الجزائر من اعتداءات على الجالية المصرية، وحصلت «الحياة اليوم» على شهادات تلفونية من المحاصرين هناك. فيما استضافت منى الشاذلي الإعلامي وائل الإبراشي، الذي طالب بإقامة مباراة اليوم بلا جمهور، وبأن يتدخل قادة البلدين بهدف وضع حدٍّ للحالة المزرية التي بلغتها العلاقة بين الشعبين. وفتح الإعلامي أحمد المسلماني النار على قناة «الجزيرة» في برنامجه «الطبعة الأولى» على قناة «دريم» وانتشر على «فايسبوك» مقطع فيديو يهاجم فيه المسلماني الشوفينيّين من البلدين، واصفاً إياهم بالرعاع الذين أفسدوا علاقة تاريخيّة حميمة. لكنّ المسلماني أرجع شرارة الصدام إلى تركيز «الجزيرة» على خبر الاعتداء على حافلة تقلّ لاعبي الجزائر في القاهرة. وقد رأى المسلماني أنّ المحطّة القطريّة ضخّمت الخبر، كأن نجوم الجزائر تعرضوا للحصار. كلام المسلماني أشار أيضاً إلى أنّ التوتر تسلّل إلى لاعبي الفريقين لا الجمهور فقط... ليخرج اللاعب الجزائري كريم زياني بتصريح لقناة «أون تي في» المصرية يعرب فيه عن سعادته بوجوده في الخرطوم بعدما غادر أرض الأعداء!
من جهة أخرى، ضمَن المطربون وجوداً مكثفاً في المناسبة عبر أغنيات تشيد بالمنتخب المصري. هكذا، عادت شيرين وجدي إلى الشاشة بعد غياب طويل من خلال «حبايب مصر». الأغنية التي تُعد إعادة توزيع لأغنيات وطنية شهيرة بُثَّت على كلّ القنوات المصرية. ودخل شعبان عبد الرحيم المزاد كما كان متوقعاً بأغنية «معلش يا جزائر». ويقول مطلعها «الدنيا كاس وداير... لا بإيدي ولا بإديك، معلش بقى يا جزائر، كسبنا وانتصرنا، علشان إحنا الأحقّ، لا لينا في شغل عافية ولا في تمثيل وزق». كما عاد محمد فؤاد بأغنية «بلدي». وحده أحمد مكي الذي اشتهر بتقديم أغنيات راب في أفلامه، التزم الصمت. وقد نالته سهام المتعصّبين، بعدما كشفت الصحف أنّ والده جزائري الأصل. لكنّ مكي امتنع عن إطلاق أي تصريحات يساند فيها بلده الأم أو مصر حيث يقيم حالياً ويتمتع بشعبية كبيرة. وبعد صمت، خرج بأغنية «فوقوا». وتقول كلماتها «قريت جرايد برا، شفت اليوتيوب واتنكدت... ياه لما الحفيد يضيَّع جهد الجد، كل اللي محطوط على اليوتيوب مش تشجيع، دي اسمها حرب». لكن للأسف، فصوته لن يبلغ آذان المتعصبين في القاهرة والجزائر ولا حتى في الخرطوم.