strong>عدنية شبلييتابع «الرجال الذين يحدقون بالماعز» لغرانت هسلوف رحلة صحافي أميركي إلى العراق. ينطلق بوب (إيوان ماغريغور) في الرحلة لأنّه يريد أن يثبت أنه صحافي عظيم لزوجته التي هجرته من أجل رئيس تحرير الجريدة التي يعمل فيها الزوجان. خلال مكوثه في الكويت في انتظار دخول العراق، يلتقي بوب بلين كاسيدي (جورج كلوني). بوب سمع باسم لين قبلاً خلال مقابلة أجراها مع جندي كان يخدم في فرقة عسكرية أميركية سرية. تعتمد الفرقة أساليب قتال ما فوق طبيعية، بينها قراءة أفكار العدو، المشي عبر الجدران، والقتل عبر التحديق. بعد اللقاء، ينضم لين إلى بوب في رحلته. ويكتشف بوب تفاصيل نشأة هذه المجموعة... إضافة إلى هدف رحلة لين إلى العراق التي هي إنقاذ بوب ذي القلب المحطم.
قصة الفيلم مقتبسة عن كتاب بالعنوان ذاته للكاتب الإنكليزي جون جونسون. يوثق المؤلف تفاصيل تأسيس فرقة عسكرية أميركية سرية حقيقية عبر مقابلات أجراها مع أعضاء الفرقة. النقطة المهمّة هنا لا تكمن في سؤال: إلى أي مدى يعكس الفيلم قصةً حقيقية، بل إلى أي درجة يعكس الظرف الإنساني العام في العصر الحالي، وهو ما يفعله بدرجة بالغة. فالشريط «يحدق» في هذا الظرف إلى درجة تعريته. أساليب قتال المجموعة، كما يقدمها الفيلم، تعتمد أسلحة غير ضارة بالبيئة وتنشد الحب والسلام.

قيم السلام والديموقراطيّة في خدمة الآلة العسكريّة

بكلمات أخرى، تعتمد المجموعة في أساليب قتالها على كل ما تنادي به حركات السلام في العالم. التصوير البارع الذي يقدمه الفيلم لهذه الأساليب، لا يسخر فقط من قيم السلام التي يرفعها كثيرون شعاراً حالياً، بل يعرض كيف يمكن قيم السلام هذه أن تتحول إلى وسيلة لشن الحروب، تماماً كقيم الحرية والديموقراطية التي استُخدمت في الحرب على العراق. تحديق الفيلم بفكرة التحديق كوسيلة قتل، يحيلنا إلى كلمة أخرى مرادفة، وهي «المراقبة»، أهم ما يميز العصر الحالي. أليست جميع المساحات العامة والخاصة ملأى بكاميرات لا تفعل سوى التحديق بكل ما يقدم عليه المرء. بل إنّ هذه الأجهزة هي أهم ما يستخدم في أساليب الحرب الحديثة. حتى فكرة المشي عبر الجدران تستدعي كتابات المهندس المعماري إيال فايتسمان الذي يتطرق إلى الأساليب الحديثة التي ابتكرها الجيش الإسرائيلي لإدارة الاحتلال في فلسطين. في كتابه Hollow land: The Israeli Architecture of Occupation، يقول فايتسمان إنّ الجيش الإسرائيلي راح يعتمد على تقنية «المشي عبر الجدران»، يدخل المدن والقرى والمخيمات ويخرج منها متى شاء.
الفيلم باختصار شهادة بصرية مهمّة ــــ وإن غير مكتمل ــــ عن الظرف العالمي الحالي. إلا أنّه يغفل عن معالجة نقطة أخرى لا تقل أهمية وهي فكرة عدم الرؤية. فهي أيضاً أحد أساليب القتال الرئيسية التي تبنتها الفرقة.