زينب مرعيإيران في 12 حزيران (يونيو) 2009. نتذكّر ذلك النهار الانتخابي الطويل... ثمّ التظاهرات التي أشعلها في شوارع طهران. في كتابه الجديد «دولة الحرس الثوري وإجهاض الثورة الخضراء» (الدار العربية للعلوم ـــــ ناشرون)، يطرح الباحث فنسان الغريّب الإشكاليّة التي جالت في ذهن الجميع. هل ما شهدته شوارع طهران مجرّد «مؤامرة غربيّة» لتغيير النظام، أم كانت تعبيراً عن إرادة شعبيّة لا دخل للغرب فيها؟ يحلّل الغريّب الوضع عبر تجميعه مقالات نُشرت في مختلف الصحف العربية خلال الأزمة الإيرانيّة، وعبر ترجمة بعض التقارير الأوروبيّة والأميركية. يبدأ الكاتب بالإشارة إلى أنّ العامل الخارجي لا يصنع الأحداث في إيران بل يلهث وراءها. من هنا تبدو الإجابة الأقرب إلى المنطق عن الإشكالية المطروحة أنّ التظاهرات تعبّر عن إرادة قسم من الشعب الإيراني، استغلّها الغرب لتحقيق أهدافه التي عجز عن الوصول إليها بالضغوط الاقتصاديّة والسياسية. لتفسير هذا الصراع، يعود الكاتب إلى تقرير إخباري صادر في بروكسل في 23 حزيران (يونيو)، عن مركز أبحاث «مقرّب من المؤسسات الأوروبيّة»، يصرّ على أنّ «الصراع الظاهر هو بين أجنحة النظام... وليس بين الشعب والنظام». الصراع الفعلي هو إذاً بين المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية علي خامنئي ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، «وهما يعرفان أنّه لا يجب الذهاب في هذا الصراع إلى حدّ تهديد النظام، لكنّ اللعبة يمكن أن تفلت منهما».

تظاهرات إيران «مؤامرة غربيّة» أم صحوة شعبيّة؟

يضيف الغريّب أنّ هذا الصراع يُترجم في السياسة بعناوين عديدة، في مقدّمها حدود ولاية الفقيه، وفي ذلك مدرستان: الأولى تقول بصلاحيات مطلقة تستند إلى مبدأ «الكشف الإلهي»، والثانية تريد الصلاحية المقيّدة التي تستند إلى نظرية الاختيار عبر الانتخاب. هو إذاً خلاف داخلي بين أقطاب السلطة الإيرانيّة. لكن ماذا إن كان أحد هذه الأطراف يتموّل من الغرب؟ لا تستبعد التحليلات المعروضة هذا الأمر. ينقل الغريّب عن الكاتب والصحافي الفرنسي فرانسوا ميسان أنّ الكونغرس الأميركي صوّت على مبلغ قدره 400 مليون دولار «لتغيير النظام» في إيران. «نجهل كيف استُخدم هذا المبلغ، لكنه حُوّل إلى ثلاثة أطراف رئيسيين، هم: عائلة رفسنجاني، عائلة بهلوي ومجاهدي خلق».
يربط الكتاب بين «الثورة الخضراء» وسياسة «الثورات الملوّنة» التي يعتمدها الأميركيون لتغيير الأنظمة المعارضة لهم، من «ثورة السوسن» (2005) في قيرغيزيا إلى «ثورة الورود» (2003) في جورجيا. ويتطرّق الكتاب في الملحق المرفق به إلى علاقة «حزب الله» بإيران.
نلاحظ في الكتاب غياب أسلوب البحث المنهجي، ما يجعله يقع في مطبّات التناقضات. من مستهل الكتاب، يعبّر الغريّب عن رأيه في الإهداء: «أهدي هذا الكتاب إلى الشباب الإيراني الذي يثور من أجل تحقيق الحريّة والديموقراطية في إيران»، ويكرّر وقوفه مرّة أخرى إلى جانب «الثورة الخضراء» في مكان آخر من الكتاب، من دون أن يكون قد قادنا بخفّة الاستنتاج الحقيقي وقوّته إليه. قد يفسّر ذلك عجلة الباحث في إصدار الكتاب، إذ وقّعه ليعلن فراغه من كتابته في 10 تموز (يوليو) 2009. فهل يعتمد بذلك على سخونة الموضوع ليحقق كسباً تجارياً؟