هو يوم (18 ديسمبر) عيّنته منظمة الأونيسكو كون العربية هي سادس لغة اعتُمدت في الأمم المتحدة. «معهد العالم العربي» في باريس، وبالأخص «مركز دراسات اللغة العربية» اهتم بهذه المناسبة التي تضمّ أسبوعاً من الأنشطة الثقافية الخاصة باللغة العربية، ستتكلل بسهرة فنية، وقد وقع الاختيار على يولا خليفة لإحيائها. في اتصال مع «الأخبار»، كشفت خليفة أن برنامج سهرة الليلة سيكون مختلطاً مكوناً من الأعمال التي قدّمتها في الألبومات الثلاثة الصادرة بين عام 2011 والآن. كما أن هناك الكثير من التنويع بين نصوص شعبية وشعر كلاسيكي عربي معاصر، خصوصاً نصوص لشاعرات لحّنت لهن خليفة الكثير، مؤكدة: «هي أمسية تتسم بحنان المرأة والاحتفال باللغة، لأننا نسميها اللغة الأم».لطالما اعتادت خليفة العمل في جوّ عائلي، إن كان مع زوجها الفنان مرسيل خليفة ضمن فرقة «ميادين»، أو الآن مع ولديها رامي وبشار اللذين يرافقانها عزفاً على المسرح، الى جانب موسيقيين من مقدونيا عملت معهم سابقاً. تقول لنا: «سأكون مع خمسة موسيقيين، جميعهم يتمتعون بالمهارة والجمال، ويملكون حسّ الاختراع. لن تكون أمسية تقليدية، كما أن اللغة العربية التي نقدّمها ليست تلك القديمة. هناك مزيج بين شباب اختبروا أنواعاً عدة من الموسيقى، وأنا التي عاصرت أموراً عدة». وتضيف من ناحية أخرى: «أعمل في جو عائلي، وجو غير عائلي في الوقت عينه. استغرق الأمر طويلاً لكي أجد مكاني. انسحبت من الساحة بسبب الظروف التي ترافق حياة امرأة وأم مهاجِرة. كما أن شخصيتي لم تكن تسمح لي. وهناك أيضاً دائماً نوع من التوتر بين الخاص والعام».
نصوص شعبية وشعر كلاسيكي عربي معاصر، خصوصاً لنساء شاعرات

بعد طول انتظار إذاً، كرّت السبحة، وأطلقت خليفة تباعاً بدءاً من عام 2011 ثلاثة ألبومات، آخرها «هواك». في هذا الصدد، تقرّ: «ايقاعي بطيء. لا أستعجل. أملك في الوقت عينه الحماسة وأحبّ تخمير الأمور. في عام 2011، اتبعت احساسي وشعرت أنه الوقت قد حان، ولم يعد هناك ما يلهيني. فكان أشبه باجتياح يسكنني. تلك الأمور كانت تعيش فيّ طوال الوقت، وأخرجتها فجأة. تطلب الأمر جرأة، لأن التغيير أصعب شيء على الشخص الذي يقرر أن ينجزه. هناك دائماً صراع بينه وبين ما يريد أن يعيده الى الخلف. وعليه أن يكون متمسكاً بإرادته».
تصف خليفة الألبومات الثلاثة التي أطلقتها بنوع من السيرة، أو فصول في ملف واحد. هناك تقارب كبير بينها لناحية الفكرة، ولكن كلّ واحد يختلف عن الآخر بإخراج موسيقي وتقني معيّن وبخيارات خاصة. تقول: «المواضيع التي تسكنني هي السلام والحب والإنسان والهجرة والطفولة والعذابات التي نعيشها. هي دائماً موجودة ولكن بشكل مختلف. كل ما يؤثر فيّ يتحول إلى موضوع أو أغنية، وهو خليط بين الذات والعام، ولكنه انعكاس للعام. الفرق مع ألبوم «هواك» أنّه ميّال أكثر إلى الفرح. الحنين ما زال موجوداً، ولكن في الوقت عينه هناك دعوة الى الفرح، ونور نراه في مكان ما».
من الناحية الموسيقية، يتألف الألبوم من قطع يرافقها البيانو أو آلات أخرى قليلة في العمل. هو خيار، تشرح خليفة: «بساطة وقرب من الإحساس من دون زخرفة. هناك آلتا كلارينيت، وآلات ايقاعية، وعود، وتشيلو. كل قطعة يميّزها شيء ما. وما يربط بين المقطوعات هو التعبير الداخلي الصامت عن حالة معينة». لا بدّ من أن يُطرح هنا سؤال عن دور مرسيل خليفة في أعمال زوجته وتأثيره عليها. تؤكد الفنانة: «عندما أبدأ بالعمل، تكون الأمور في رأسي وحدي. فهو عمل يخصّني، وهو يفهم ذلك. عندما يعيش المرء أمراً ما، يحدث ذلك بينه وبين نفسه. ربما لاحقاً، يمكن الاستشارة. ولكن في لحظة الابداع والخلق، يكون عملاً شخصياً ومنفرداً. وهو أمر يختبره كل فنان».
تعتمد خليفة كثيراً على غريزتها في العمل، فلا تخطيط ولا أحلام فنية محددة: «أعيش طوال الوقت في الحلم، متفلّتة من رابطتي مع الواقع. أسافر بيني وبين نفسي، وأعيش دائماً حالة حلم. لكني أعود وأصطدم بالواقع. هو تأرجح بين الحلم والواقع. اليوم الذي سأكفّ فيه عن الحلم، سأموت حتماً. الحلم موجود في داخلي على الدوام، ولا أعرف إلى أين سيؤدي بي».

أمسية يولا خليفة: الليلة ــ «معهد العالم العربي» في باريس ــــ imarabe.org