تونس | اقتحمت قوات الأمن التونسية صباح أمس الخميس مقر قناة «حنبعل»، أولى الفضائيات الخاصة في تونس، وأقدمت على قطع البث تنفيذاً لقرار قضائي يتعلق بباقي مستحقات مالكها الأصلي العربي نصرة. وكان الأخير قد باع القناة قبل عامين تقريباً من دون أن يحصل على كامل مستحقاته المالية. المدير العام للمحطة زهير القمبري الذي يمثل مجموعة المالكين للقناة، اعتبر أنّ قطع البث هو حلقة من حلقات المؤامرة التي تتعرض لها القناة.
وأكّد في تصريحات لوسائل الإعلام أنّ هناك قضايا جارية بين المالكين الجدد والمالك السابق ونجله مهدي نصرة صاحب الشركة التي كانت تنتج أعمال «حنبعل». واعتبر أنّ تنفيذ الحكم بالقوة كان متسرعاً وكان بالإمكان تجنبه.
ويتزامن هذا التطور الدرامي لقضية القناة الخاصة الأولى في تونس (انطلقت في فبراير ٢٠٠٥) مع طرد مجموعة كبيرة من الصحافيين والتقنيين والإداريين من قناتي «حنبعل» و«تونسنا» التي رفضت «الهايكا» (الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري) منحها الترخيص القانوني للبث، إلى جانب تسريح عدد من الصحافيين الشبان من إذاعة «كلمة» التي باعتها سهام بن سدرين الناشطة المعارضة لنظام بن علي والرئيسة الحالية لـ«هيئة الحقيقة والكرامة» إلى رجل الأعمال المثير للجدل سليم الرياحي.

طرد تعسفي تمارسه وسائل الإعلام الخاصة

الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي يعانيها الصحافيون الشبان، وبخاصة الطرد التعسفي الذي تمارسه وسائل إعلام خاصة عدة كانت موضوع التحرك الاحتجاجي التضامني الذي قام به الصحافيون أمس بدعوة مشتركة من «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» و«الاتحاد الدولي للصحافيين» تحت شعار «لا جوع لا ركوع». وتعهّدت النقابة بالتجنّد التام للدفاع عن كرامة الصحافيين وحقوقهم المالية والمعنوية. وبعد خمس سنوات من سقوط نظام بن علي الذي اشتهر بتضييقه على حرية الصحافة، عاش الإعلام التونسي ربيعاً غير مسبوق. لكن التطورات الأخيرة تؤكد أن هذا الربيع بدأ يذبل ليس بفعل السلطة هذه المرّة بعد تحرر الإعلام كلياً من هيمنتها، بل بفعل إرادة بعض مالكي وسائل الإعلام الخاصة الذين لا يحترمون القانون ولا الاتفاقيات المشتركة التي تنظم مهنة الصحافة وتضمن حقوق العاملين فيها.
في سياق متصل، حذرت النقابة الوطنية للصحافيين من عودة الأمن الى ممارسة أساليبه القديمة في القمع والاعتداء على الصحافيين. وجاء ذلك على خلفية الاعتداء على فريق موقع «نواة» الإلكتروني أثناء تغطية التظاهرة التي نظمها الطلبة احتجاجاً على مشروع قانون المصالحة الذي اقترحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وأثار جدلاً كبيراً في الشارع التونسي. واعتبرت النقابة في بيانها أنّ هناك مظاهر لعودة ما سمّته دولة البوليس، منددةً «بمثل هذه الممارسات التي تتنافى مع مبادئ الدولة الديموقراطية والحقوق والحريات الأساسية، وتستهدف حرية الإعلام». وحذرت من «عودة ممارسات «دولة البوليس» والتضييق على العمل الصحافي بمثل هذه الاعتداءات الممنهجة التي تستهدف حرية الصحافة والتعبير». وأخيراً، أعلنت أنّها «كلفت فريقها القانوني برفع قضية ضد أعوان الأمن الذين اعتدوا على الزميلات والزملاء».