القاهرة | خلال أقلّ من يومين، تعرّض إعلاميان مصريان لإعتداءات بدنية ولفظية من عناصر إخوانية في شوارع نيويورك، مما فتح باباً واسعاً للنقاش حول سلبيات الوفود الإعلامية المرافقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زياراته الخارجية. غاب التقييم الأخلاقي لوقائع الإعتداء عن الكثير من الإعلاميين بسبب الإستقطاب السياسي الحاد في الشارع المصري.
من يضرب الإعلاميين خلسة ثم يبدأ في الركض هو أمر غير أخلاقي بكل تأكيد، بينما تبادل السباب بين الطرفين يدلّ على ضعف في المواقف. لكن كل ذلك لم يهمّ الذين فرحوا وهلّلوا بالموقف بسبب رأيهم المعارض من النظام المصري، إما لإنتمائهم لجماعة الإخوان أو لرفضهم سياسات السيسي. التعدي بالضرب والسباب على الإعلاميين لم يبدأ قبل أيام في نيويورك، بل منذ عام تقريباً، عندما تعرّض الإعلامي يوسف الحسيني لفعل مشابه في نيويورك أيضاً بالتزامن مع أوّل جمعية عامة للأمم المتحدة يحضرها الرئيس المصري. لاحقاً، تعرّض أحمد موسى للضرب في باريس، وحدثت مناوشات قبل ثلاثة أشهر في ألمانيا خصوصاً بعد إصرار عدد من النجوم على التواجد هناك برفقة السيسي. لكن الجرعة في نيويورك هذه المرة كانت مكثفة. البداية كانت مع الإعلامي وائل الإبراشي الذي طارده أحدهم في الشارع وهدّده بالإعدام وهتف بسقوط حكم العسكر. ثم مقطع فيديو مدّته 6 دقائق يثبّت تعرّض يوسف الحسيني ومحمد مصطفى شردي لاعتداءات بدنية ولفظية فشلت الشرطة الأميركية المتواجدة في المكان من حمايتهما منها. أخيراً، تدخّلت الخارجية المصرية وطالبت السلطات الأميركية بالتحقيق والقبض على الجناة. ويفخر المعتدي وإسمه بهجت صابر بالموقف وينشره بكثافة عبر يوتيوب وتويتر. كما يتّضح أنه من شارك أيضاً في التحرّش بالإعلاميين المصريين في المدينة نفسها العام الماضي. وبعد تصريحات بأنّ صابر تمّ توقيفه، يتحوّل الأمر لما يشبه المطاردات السينمائية، ويُظهر صابر مجدداً الحسيني بصحبة شخصين، لتبدأ استفزازات خرج فيها الحسيني عن شعوره، ووجه شتائم نابية لصابر الذي بدا أكثر حرصاً على إيقاع مذيع «أون تي في» في المنطقة المحظورة. ثم يقوم أحدهم خلسة بدفع الحسيني من الظهر قبل أن يجري بعيداً. تكرار الوقائع طرح سيناريو آخر وهو تحوّل الإعلاميين المصريين إلى عبء على الوفد المرافق للرئيس المصري في الدول الأوروبية وأميركا، حيث أعداد الإخوان كبيرة ويمكنهم القيام بهذه التصرفات دون الخوف من عواقب قانونية. رجال الشرطة الأميركيون لن يفهموا أنّ شتائم متبادلة بين الطرفين، وأن الهدف من الموقف التصوير ثم التجريس. كما يبدو واضحاً أنّ الإعلاميين المصريين يحرصون على التجوّل بحرية في الشوارع هناك من دون الوضع في الإعتبار المخاطر التي يتعرّضون لها. اللافت أنّ الحالة المصرية الإستثنائية هي سبب سهولة وصول عناصر الإخوان إلى أبدان الإعلاميين المصريين، فليس من المعتاد أن يتحرّك كل رئيس ومعه أشهر إعلاميي البلد في كل زيارة خارجية. كما أنه ليس للقنوات المصرية مراسلون في نيويورك وباريس وبرلين ليستقبلوا الرئيس هناك. بالتالي أصبح على الإعلاميين إما أن يتحمّلوا تبعات تأييد "ثورة 30 يونيو" وهجومهم المستمرّ على الإخوان، أو البقاء في القاهرة طالما لم توفر لهم الدول التي يزورها الرئيس الحماية الكاملة. عدا ذلك ستظلّ أخبار الإعتداء على الإعلاميين تطغى على نشاطات ولقاءات الرئيس شخصياً.