بيروت تكتشف الـ SLAM في الـ«ميوزكهول»
الفنان الفرنسي الذي ينتمي إلى نوع جديد، نسبيّاً، من الفنون الأدائيّة، يجمع بين الشعر المباشر والموسيقى المرافقة، سيكون غداً في ضيافة «كاباريه العالم» وميشال إلفتريادس. الـ«سْلام» أبصر النور في شيكاغو الثمانينيّات، وها هو يصلنا من طريق باريس

بشير صفير
مساء غدٍ، يضيف Grand Corps Malade (فابيان مارْسو) توقيعه على لائحة طويلة، تضم أسماء مواطنيه الذين سبقوه إلى «ميوزكهول». على مدى سنوات، نجح التعاون بين المنظمَيْن Cabaret du Monde و«إلفتريادس» في خلق فسحة لقاءات دورية بالأغنية الفرنسية عبر إيجاد موطئ قَدَم بيروتي لها في هذا الفضاء الخاص الذي بات محجّة الفنانين الفرنسيّين... المشاغبين منهم قبل الآخرين.



from Je Viens De Là







بعد كل حفلة، نلجأ إلى لعبة التكهنات، فيقع الخيار على اسم بديهي أو على مفاجأة. أما الأمسية التي يحييها الفرنسي Grand Corps Malade (جسدٌ كبيرٌ عليل)، فتضاف إلى لائحة المفاجآت. والسبب هو خروج البرْمَجة عن القاعدة التي قامت على الأغنية الفرنسية المعاصرة غير التجارية (روك، فولك حديث، نكهة لاتينية...). للمرة الأولى، سينقل «كباريه العالم» إلى بيروت تجربة فنية باريسيّة مميّزة، تنتمي إلى تيار حديث العهد نسبياً هو الـ Slam. وهذه المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان أمسية من هذا النوع. الـ«سْلام» عرضٌ أدائيّ قائم على إلقاء شعرٍ أو نصٍ مسجوع ذي شكلٍ كلاسيكيّ (اعتماد الوزن والقافية) ومضمونٍ معاصر (ظواهر، مشاكل اجتماعية، سياسة...) وذلك بنبرة خطابيّة مباشرة. نشأ الـ Slam في شيكاغو الثمانينيّات، حين كانت تعقد حلقاتٍ تضمّ شعراء يقرأون نصوصهم في جو حميم (حانات، مقاهٍ...)،



from Pères Et Mères







وكان يأخذ اللقاء أحياناً شكل المنافسة الصُوَريّة. و«سْلام» هو أقرب العروض الأدائية إلى الراب، لكن لا علاقة بينه وبين ثقافة الهيب ـ هوب (راجع «الأخبار»، 30/ 5/ 2009). ماذا عن الحالة الفرنسية التي يجسّدها فابيان مارْسو (1977)؟ هذا الشكل انتقل إلى باريس عام 1998. والرائد الفرنسي في هذا المجال هو Pilote le Hot الذي جال الحانات مقدماً عروضه في إلقاء الشعر ضمن قواعد الـ Slam. تطوّر هذا التيار في فرنسا. وفي 2003، ظهر Grand Corps Malade («جسدٌ كبيرٌ عليل»). بدأ مسيرته معتمداً الشكل البدائي للـ«سْلام»، أي من دون موسيقى، ثم أضاف هذا العنصر كمرافقة لا تلزم أداء النص بأنغامها، أي إن الإلقاء يبقى مقروءاً، لا مُغنَّى. في هذا السياق، يتعاون مارْسو مع مجموعة موسيقيين (أبرزهم S Petit Nico)، فينتج من هذا المزيج الأشكال الآتية: أولاً، الإلقاء الذي لا يتبع إيقاع الموسيقى بل إيقاع النص، مثل العناوين الآتية: «Mental»، «Le Blues et L’instituteur»، «Rétroviseur»، «La nuit»... مع الإشارة إلى أن الموسيقى قد تنتمي إلى الموسيقى الكلاسيكية، أو الروك الهادئ أو الـ Ambient تماشياً مع الموضوع الرئيسي للنص المكتوب. ثانياً، الإلقاء الموقَّع، الملامس للراب مثل في «Je viens de là» و«A la recherche». ثالثاً، الأعمال التي لا تتضمن أي مرافقة موسيقية مثل في «آباء وأمهات»، وهي الأقرب إلى جذور الـ «سْلام».
من جهة النص، يستخدم مارْسو مفرداتٍ أقلّ بذاءة وهجومية من الراب. لكنه يتقاطع مع الراب لناحية المواضيع: الحب، الظلم، الطبقية، الوجودية، المشاكل الاجتماعية والسياسية، والأحداث الشخصية... ينجح مارْسو أحياناً في الإحاطة بتفاصيلها بأسلوب جميل، مباشر وسهل، أو عميق يرتكز على الاستعارات، ساخر ومتهكم تارةً، أو جدّي وسوداوي طوراً. لكنه يقع أحياناً في بعض المطبّات، فيسطّح المعنى خدمةً للقافية والوزن.



from Le Blues De L'Instituteur







عاش مارْسو حياة فقيرة وصعبة، كما يصف طفولته ومراهقته في أحد أعماله، «جئت من هنا» أي من بيئة الضواحي القاسية وحياة التسكع وعادات الفقراء. فضّل الرياضة، فاحترف كرة السلة، واستهوته السباحة. خلال مشاركته في أحد النشاطات في عام 1997، قفز في حوض سباحة، فاصطدم بالقعر، وأدى به الحادث إلى المستشفى حيث خضع لعلاج طويل. خلال تماثله للشفاء، غاص الفتى في كتابة الشعر. هذه الحادثة الأليمة، وتلك الحياة الشقية جعلا الشاب الفارع الطول يتجه نحو الـ«سْلام» عام 2003. ومن هنا اتخذ لنفسه اسم «جسد كبير عليل».
بعد مشاركات في حلقات الـ«سْلام»، حقّق شهرة واسعة، وأصدر أول عملٍ مسجّل بعنوان «Midi 20» (2006). حاز عام 1997 جائزتين ضمن التظاهرة الفنية السنوية Les Victoires de la Musique، ثم أصدر «طفل المدينة» Enfant de la Ville (2008)، ومن نصوصه يتكون برنامج عرضه، غداً في «ميوزكهول».

9:00 مساء غد الأحد ـ «ميوزكهول» (ستاركو/ بيروت) ـ للاستعلام: 03/807555