جاد نصر اللهعن «العمارة كما لو كانت جغرافيا»، جاء هاشم سركيس يحدثنا في الـALBA، ضمن سلسلة المحاضرات التي تنظّمها «كلية العمارة» في «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة». في محاضرته تلك، حاول المعمار اللبناني شرح استنتاجاته عن أهمية «الموقع الجغرافي» والجغرافيا كعنصر ومصطلح جديد في موازاته لعمل المعمار، من خلال أربعة مشاريع اتخذها مثالاً.
تجربة سركيس الممتدة على عقدين تتلخّص في منظور مختلف لمقاربة علاقة البناء بمحيطه. حين بدأ مسيرته المهنية في العمل على مشاريع تموّلها المنظمات غير الحكومية في المناطق الريفية، درس أهميّة الموقع الطبيعي بالنسبة إلى البناء والمفهوم الذي ينطلق منه. ولدت لديه رؤى جديدة تتخطى المفهوم الكلاسيكي للسياق (Context)، وترى فيه جغرافيا كاملة يجب العمل من خلالها.
في الوقت الذي سيطرت فيه تأثيرات «ما بعد الحداثة» على جيله في الثمانينيات، ودفعت كثيرين إلى الجنوح نحو مبانٍ بالغت في التركيز على جمالية الشكل، قاطعةً صلات التكامل مع النسيج العمراني والمحيط الطبيعي، قدّم سركيس طرحاً مختلفاً. وجد هذا المختلف ترجمته في تصميمه لمنازل صيادين في صور، انتقلوا من منازلهم المستأجرة في «حارة المسيحيين» إلى مشروع «البقاء» السكني في منطقة العباسية قبل أكثر من ثمانية أعوام. المشروع الممتد على مساحة تسعة آلاف متر مربع، لم يهمل العناصر التي وفَّرها له الموقع الجغرافي من خصائص بيئية وطبيعية. جاء البناء معبّراً عن نمط عيش الصيادين في حيّزهم الجغرافي الريفي، وفاز بأربع جوائز دولية.
يعمل حاليّاً على إنشاء مكتبة عامة في الحمراء
الأستاذ في «جامعة هارفرد» الأميركيّة، حيث أدار مراحل الماجستير والدكتوراه بين 2002 و2005، يعمل على التصاميم التوجيهية بصفته معماراً ومصمّماً مدينياً في المجتمعات الإسلامية في الجامعة. يدير محترفات التصميم لمقررات تاريخ العمارة ونظرياتها. ممارسته للعمارة كفعل تطبيقي، تنتقل بين الولايات المتحدة ـــــ مقر إقامته الرئيسي ـــــ ولبنان وتركيا، ويغنيها بمجموعة مقالات وكتب، من بينها «لبنان من خلال الصور ومخططات كونستانتينوس دوكسياديس» («دار النهار» ـــــ 2003).
تتواضع تصاميم سركيس ولا تبالغ في تعقيداتها. نطاق توزّعها الجغرافي لا ينحصر في قلب العاصمة بيروت، إذ إنّ شخصية «روبن هود» التي التصقت به، سمحت لمشاريعه بأن تمتد بين الجنوب والشمال. من هنا، كان مشروع الصيادين في صور، والمصنع المركزي لعصر الزيتون في الشمال، إضافة الى مدرستين في الجنوب، جميعها أنشئت بتمويل من منظمات غير حكومية. يعمل سركيس حالياً مع مكتبة «السبيل» على مشروع بناء مكتبة عامة في شارع الحمراء.