حكواتيّو «مونو» افترشوا البساط السحريبيسان طي
عجقة في كواليس «مسرح مونو» هذا الأسبوع. إنه موسم الحكاية. الرواة وصلوا حاملين ما في جعبتهم من قصص، وبدأوا يحتلون الخشبة منذ أول من أمس. والجمهور أيضاً لم يخذلهم، فهمّ إلى سهرات السمر.
إنها الدورة الـ11 من «مهرجان الدولي للحكاية الشفهية والمونودراما» الذي صار موعداً سنوياً ثابتاً على أجندة «مونو» وأجندة مرتاديه. علماً بأنّ المهرجان أبصر النور كثمرة تعاون بين «مونو» و«دار ثقافات العالم» التي يرأس مجلس إدارتها المسرحي السوري الأصل شريف الخزندار. تتنوع جنسيات الرواة في المهرجان. بالتالي، ستتاح للجمهور رحلات متعددة الاتجاهات. كل راوٍ يغرف من لغته وثقافته، والقصص تستند في أحيان كثيرة إلى شخصيات ميثولوجية أو أبطال باتوا يمثّلون جزءاً من فولكلور بلد الراوي. نصري الصايغ المكلّف متابعة المهرجان في «مسرح مونو» يقول إنّ هؤلاء الرواة يحرّضون المخيّلة، ويحثّون على السفر في عوالم وأزمنة وثقافات، من خلال القصص التي ينقلونها.
عرض الحكواتي لا يحتاج إلى الكثير من الأكسسوارات. علماً بأنّ الحكواتي ليس مجرد راوٍ يحكي القصة، إنّه ممثل بشكل ما، يستخدم جسده أحياناً وهو يبعث الحكاية ويعطيها وجودها في مكان وزمان محددين. لذلك، فإن التقنيات المستخدمة شديدة البساطة: تقنيات الصوت والإضاءة والأكسسوارات...
جهاد درويش، الحكواتي اللبناني الذي بات يتمتع بشهرة عالمية («الأخبار»، ١١/ ٣/ ٢٠١٠)، يشارك أيضاً في المهرجان (اليوم والسبت)، هو الذي كان من المبادرين إلى إطلاق فكرة المهرجان، واختيار الرواة المشاركين. وفي البرنامج أيضاً سهرات يحييها، أو يرويها كولدو أمستوي من إقليم الباسك (اليوم) وجيجي بيغو (غداً الجمعة) وسيلفي فييفيل من فرنسا (يوم السبت).
جيجي بيغو تطعِّم قصصها بنظرتها إلى العالم المعاصر
كل ليلة، يتناوب اثنان من الرواة على الخشبة. يروي كل منهما قصته، ويتلمّس تجاوب الجمهور. مشاركة جهاد درويش، ستسمح للجمهور الذي لا يجيد اللغة الفرنسية بأن يستمتع بليالي الحكواتية. سيحكي درويش القصص باللغة العربية، هو الذي تربّى على قصص هذا الشرق وسحرها، التي كانت ترويها لها أمه. ثم كبر في مدينة صيدا (جنوب لبنان) في الستينيات، حيث كان الحكواتيون لا يزالون يحيون سهرات رواد المقاهي ويشعلون الخيال بقصص عن سير البطولات العربية، كعنترة وأبو زيد الهلالي. مارس درويش الصحافة لكنه عاد وارتمى في حضن القصص، وصار حكواتياً يتنقّل بين الخشبات والمكتبات والمدارس والسجون. ومع كولدو أمستوي الذي لا تفارقه آلة الرق، سنتعرف إلى شخصيات قصصية من إقليم الباسك كلامنيك وهرنسوج وباساجوناك...
أما الفرنسية جيجي بيغو، فتصنع قصصها تماماً كالحرفي الذي يجيد النقش بدقة متناهية. تحكي بيغو قصصاً من التراث أو قصصاً قديمة تتناقلها الأجيال منذ قرون، وتضيف إليها نظرتها إلى العالم المعاصر. إذاً، حكاياتها مزيج من عوالم الساحرات والخيال وعالم اليوم. وفي «مونو» هذا العام، شاهدنا حكواتية ثانية، فرنسية أيضاً. سيلفي فييفيل التي قدّمت حكايتها أمس، تُطلق عليها تسمية «مغامرة زادها الكلمة». وهي تحكي قصصاً استقتها من تجاربها، وقراءاتها وسفراتها المتعددة في أنحاء العالم.
الرواة الخمسة سيجتمعون في الليلة الأخيرة من المهرجان يوم الأحد المقبل، ليتنافسوا ويحكوا قصصهم في إطار «مسابقة الكذابين».
أخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن أطفالاً هواة، أو «حكواتيّين صغار» يسبقون عرض الرواة المحترفين كل ليلة، فيصعدون إلى الخشبة ويحكون قصصهم. وهذا تقليد حافظ عليه المهرجان وساعد على التعرف إلى بعض أصحاب المواهب المتميزة في هذا المجال.

7:30 مساءً حتى 21 آذار (مارس) الحالي ـــــ «قبو كنيسة القديس يوسف» (مونو/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/202422