محمد عبد الرحمنمصر تتغيّر ولو ببطء. التعامل الرسمي والإعلامي مع الأزمة الصحية التي يمر بها الرئيس حسني مبارك، يؤكّد أنّ ما كان يحدث منذ سنوات لدى الكلام عن «صحة الرئيس» لن يتكرر. في 2007، حوكم الصحافي إبراهيم عيسى بعدما نشر تقارير عن الحالة الصحية للرئيس في جريدة «الدستور». وفي 2004، عاش المصريون ترقّباً دام أياماً قبل أن يطل مبارك على التلفزيون المصري ليؤكد أنّه في صحة جيدة، بعد عملية أجراها في الغضروف في أحد المستشفيات الألمانية أيضاً.
لكن الوضع تغيّر في عام 2010. خَبَر إجراء العمليّة لمبارك تزامن مع وصوله إلى ألمانيا. ويومياً، كانت الصحف والأخبار المتلفزة تنقل تقارير الفريق الطبي المعالج لمبارك. صحيح أن بعض الصحف الرسمية تجاهلت لاحقاً الحديث عن صحة الرئيس هرباً من تناول الشكوك التي تحوم حول قدرته على القيام بمهمّات الحكم، لكنّ كثرة الصحف الخاصة التي أفادت من شفافيّة النظام في هذه الواقعة، غطّت على الصمت الإعلامي الرسمي.
إلّا أنّ كثرة الشائعات التي تناولت صحّة مبارك، أجبرت لاحقاً الإعلام الحكومي على دخول الساحة، بعدما تأثرت البورصة المصرية يومي الأحد والاثنين الماضيين في ظل عدم معرفة المصريين مَن سيكون المرشح الأقوى للجلوس على مقعد الرجل الكبير في حال عجزه صحياً عن الاستمرار. كان تدخّل الإعلام الرسمي ضرورياً في وقت كان فيه الشارع يبحث عن إجابة عن السؤال الصعب. وكانت البداية السبت الماضي مع محمود سعد في برنامج «مصر النهارده». إذ أكد أن الرئيس سيطل في اتصال هاتفي على التلفزيون المصري. هكذا، خرجت الصحف الخاصة في اليوم التالي لتُعلن النبأ، لكنها لم تحدّد توقيت إطلالة الرئيس فيما غابت الصحف الحكومية عن الخبر. غير أن حجم الشائعات عن صحة مبارك، أدّى إلى حل وسط تجلّى في بثّ لقطات فيديو للرئيس مبارك جالساً مع أطبائه، يشرب القهوة وأمامه

تدخّل الإعلام الرسمي بعد تأثّر البورصة بالشائعات
بعض الصحف. وهي الصور التي بثّتها القنوات المصرية مساء الاثنين، على أمل أن تتوقف الشائعات حتى يخرج الرئيس بنفسه متحدثاً إلى الشعب خلال الأيام المقبلة. فيما رأى معلقون أنه رغم شفافية الإعلام المصري في التعامل مع صحة الرئيس هذه المرة، فإنّ الأمر لم يخلُ من بعض الوسائل الكلاسيكية التي اعتادها أصحاب القرار في السلطة، كاستغلال أحداث أخرى للفت أنظار الشارع عن الحدث الرئيس. صحيح أن بعض تلك الوسائل لم يكن مخططاً لها مثل وفاة شيخ الأزهر، لكن الفنان حسن يوسف خرج ليؤكد أن كثرة الشائعات بشأن اختفاء نجله كانت لأهداف سياسية. فيما حذفت جريدة «اليوم السابع» خبراً عن وصول المولود الأول لجمال مبارك في ألمانيا أيضاً وتسميته «محمد»... قبل أن تنشر الجريدة توضيحاً بأن الخبر ما زال غير دقيق لأنّ خديجة الجمال ما زالت على وشك أن تضع مولودها. وفي حال إطلاق اسم «محمد» على حفيد الرئيس محمد حسني مبارك، فهي رسالة غير مباشرة للشعب بأن هناك «محمد حسني مبارك» جديداً!