المهرجان الذي ينطلق اليوم في «ساقية الصاوي»، تشهد دورته الثانية تطوراً نوعياً. ورغم التهميش الإعلامي، يواصل الرهان على التجارب المصريّة، ويحرص على التواصل مع الجمهور
بشير صفير
في العام الماضي، انضمَّت مِصر إلى خريطة الجاز العربيّة، عبر مهرجانها الذي تنطلق دورته الثانية هذا المساء. قد يكون لبنان رائداً في مجال الجاز العربي. وإذا أسقطنا بعض المحاولات الهامشية هنا وهناك، يُمنح لقب الريادة الجديّة في منطقة الشرق الأوسط (أو العالم العربي) لزياد الرحباني، لذا كان من الطبيعي أن يفتتح اليوم «مهرجان القاهرة للجاز ـــــ 2010»، علماً أن الرحباني الابن يقوم بزيارته الأولى إلى العاصمة المصرية.



"إفتكاسات" لفرقة "إفتكاسات"







يشهد العالم العربي إذاً، فورة موسيقيّة لا بأس بها في مجال الجاز وروافده. منذ سنوات، انطلق في سوريا مهرجانٌ خاصٌّ بهذه الموسيقى (يقام في دمشق وحلب بالتزامن). الهدف الأوّل الذي وضعه منظمو «الجاز يحيا في سوريا» هو تفعيل النشاط الجازي المحلي، وكسب الخبرات من الفرق الغربية التي تُستضاف في كل دورة. أما مهرجانات الصيف اللبنانيّة، إضافةً إلى «ليبان جاز» العابر للفصول، فحافلة بالمواعيد مع أسماء وفرق مكرَّسة. هناك أيضاً الحراك المحلي في النوادي المتخصِّصة التي انتشرت خلال السنتَيْن الأخيرتَيْن. وها هي القاهرة تضيف إلى التجربة العربية مهرجاناً أقرب من حيث البرْمَجَة إلى الحالة السورية. إذ يرتكز على الأسماء المحلية ارتكازاً أساسيّاً، إضافةً إلى تلك المغمورة نسبياً، من أوروبا في الدرجة الأولى.
تنتهج الفرق المشاركة الأنماط المتفرعة من الجاز أو الممزوجة به
ويلاحَظ أن المهرجان المصري الذي يقام في «ساقية الصاوي»، أحدث تطوراً نوعياً في دورته الثانية، لكنه حافظ على النواة المحلية كهدف أساسيّ لإبراز القدرات المصرية، ومنحها فرصة لتطويرها وتوفير فسحة تفاعُل لها مع الجمهور في ظل التعتيم الإعلامي عليها (والتهميش الإنتاجي لها). مقارنة بسيطة ببرنامج السنة الماضية تُظهر هذه الأمور وغيرها من الخصائص. دورة 2009، شهدت تسعة مواعيد، موزّعة كالآتي: فرقتان أوروبيّتان، خمس فرق مصرية، وفرقتان مختلطتان (أوروبية/ مصرية). أما دورة 2010، فتضم 14 أمسية، تحييها ـــــ إلى جانب زياد الرحباني ـــــ أربع فرق مصرية (اثنتان منها مشترَكة مع برنامج السنة الماضية)، فرقتان مختلطتان (واحدة منهما شاركت أيضاً السنة الماضية)، إضافةً إلى سبع فرق أجنبية (من أوروبا، اليابان والولايات المتحدة).



"عالطريق" لفرقة "الدور الأول"







بعد الاطّلاع على السيرة الفنية لكل الفرق المدرَجة في البرنامج، يمكن استنتاج أمر مهم. باستثناء الرحباني المدافع عن الجاز الكلاسيكي، وخصوصاً تيار الـBe-Bop الأميركي العريق (وتحديداً في الأمسيات التي يحييها في نوادي الجاز)، وعن موسيقى الـBossa Nova البرازيلية، تنتهج الفرق الأخرى الأنماط المتفرعة من الجاز أو الممزوجة به (القديمة والحديثة).
بعد الافتتاح مع زياد وفرقته، يستمر المهرجان حتى 15 من الشهر الجاري. وتُستهَل الليلة الثانية عند الخامسة مساءً مع Abraxas Projekt الفرنسية، تليها فرقة أسامة عز الدين وأصدقائه، وفرقتا Royal Crown Revue الأميركية وTorhana الهولندية.
ويوم السبت، تحيي فرقة «الدور الأول» المصرية حفلة الافتتاح (6:00)، وتستمرّ الأمسية مع Carles Benavent Quartet الإسبانية، وبعدها The Merry Poppins النمساوية. وفي 14 الجاري، ثلاثة مواعيد متتالية أيضاً بدءاً من السابعة مساءً، مع فرق Talking Horns (ألمانيا) وTokyo Freedom Soul (اليابان) وفرقة أكرم شرقاوي (مصر). أما الختام (15/3 ـــــ السابعة مساءً) فتحتكره الفرق المحلية «ثلاثي رشاد فهيم» و«افتكاسات» وThe Riff Band.

حتى 15 آذار (مارس) الحالي ـــــ «ساقية الصاوي» (القاهرة).
www.cairojazzfest.com


Fusion ونكهة إثنية

تكثر الفرق المصرية المهتمة بموسيقى الجاز (غير الكلاسيكي عموماً) وأخواتها. معظمها يتجه نحو الـFusion والمزج بنكهات إثنية متأثراً بالموسيقى العربية والشرقية أوسطية والبلقانية والأفريقية واللاتينية... غير أنها في كل الأحوال تجد صعوبة في إيصال صوتها المسجَّل (إنتاج أسطوانات خاصة) إلى الجمهور المحلي أو العالم العربي. قلةٌ منها حظيت بفرصة إنتاج لبنانية، عبر شركة «إنكوغنيتو»، ونقصد «الدور الأول» التي بات في رصيدها لغاية الآن ألبومان هما «قرار إزالة» (2006) و«عالطريق» (2009) وفرقة «افتكاسات» التي أصدرت «مولد سيدي اللاتيني» (2006) ...