القاهرة | تخلّصت وزارة الثقافة المصرية من عبد الواحد النبوي آخر وزراء الثقافة في القاهرة، بعدما تقدّمت حكومة رئيس الوزراء إبراهيم محلب باستقالتها السبت الماضي، ليخلو بذلك موقع الوزير في انتظار تصفية قوائم المرشحين والاستقرار على اسم الوزير الجديد.
منذ توليه حقيبة الثقافة في آذار (مارس) الماضي، خلفاً لجابر عصفور، ارتكب عبد الواحد النبوي تصرفات عدة، وأطلق تصريحات لم تكن موفقة، أثارت حفيظة شرائح عريضة من المثقفين والمرتبطين بوزارة الثقافة. أبرز تلك المآخذ كانت تفعيله لبروتوكول مشترك مع وزارة الأوقاف، في سياق ما يسمى بـ «تجديد الخطاب الديني». بموجب ذلك، قُرِّر أن تقام ندوات بالتبادل بين المثقفين، والشيوخ، فيذهب المثقفون إلى المساجد لعقد الندوات، ويتجه المشايخ والدعاة إلى منافذ وزارة الثقافة أيضاً لإلقاء خطبهم ومناقشة أصول الدين!
عدا ذلك، فإن الخلفية الأزهرية للنبوي، وكذلك السنوات التي أمضاها كمحاضر في جامعات دولة قطر، زادت من تلك الهوة بينه وبين المثقفين المصريين.
بعدما أصبح مقعد الوزير الآن شاغراً، ولم يعد النبوي مرتبطاً بالحكومة بأي شيء، سوى مكافأة نهاية الخدمة المستحقة عن الأشهر الستة التي قضاها في الوزارة، فإن قائمة بأسماء المرشحين يتم تداولها في تصريحات غير رسمية، وبين أعضاء الدوائر الثقافية المختلفة في القاهرة.
يأتي على رأس هؤلاء المرشحين، اسم محمد عفيفي الذي بات أبرز الأسماء المطروحة على الساحة.

يبقى محمد عفيفي أبرز المرشحين والأوفر حظاً
والمفارقة أنّ عفيفي نفسه كان أحد ضحايا عبد الواحد النبوي، عندما قرر الأخير عدم تجديد انتداب عفيفي، في رئاسة المجلس الأعلى للثقافة، ضمن حركة إنهاء انتدابات واسعة، انتقدها المثقفون أيضاً في حينها، ووصفوها بـ «محاولة تفريغ الوزارة من كوادرها». طاولت تلك الحملة يومها أسماء مثل أحمد مجاهد الرئيس السابق للهيئة العامة للكتاب، وأنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة.
ومحمد عفيفي مثقف ومؤرخ مصري، وأستاذ التاريخ الحديث نشر إصدارات عدة، إلا أن أهم كتبه هو «الدين والسياسة في مصر المعاصر: القمص سيرجيوس» (دار الشروق ـ 2011). وقريباً يصدر له كتاب «شبرا... إسكندرية صغيرة في القاهرة» الذي يؤرخ للطبقة الوسطى من خلال رصد تاريخ حي شبرا. وقد سبق له أن حظي بجائزة الدولة التشجيعية.
الاسم الثاني الذي يبدو أنه يحظى بأسهم مرتفعة أيضاً هو سامح مهران، الرئيس السابق لأكاديمية الفنون، وعضو هيئة التدريس في المعهد العالي للنقد الفني، وهو حاصل على الدكتوراه في الدراما عن رسالة بعنوان «مفهوم الحرب في المسرح». وبالمثل، يحضر اسم سيد خطّاب، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة سابقاً، وكذلك أحمد مجاهد، الرئيس السابق للهيئة العامة للكتاب، وأحد الأسماء التي خدمت في الوزارة لسنوات طويلة وأثبت جدارة في موقعه. أما إيناس عبد الدايم، فهي اسم مرشح دائماً لحقيبة الثقافة كلما شغرت، وعبد الدايم كانت رئيسة لدار الأوبرا، وضمن المشاركين في اعتصام وزارة الثقافة أثناء تولي علاء عبد العزيز للحقيبة في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي.
حلمي النمنم رئيس دار الكتب والوثائق، والقائم بأعمال الهيئة المصرية العامة للكتاب، أحد الأسماء التي يتم تداولها في الوسط الثقافي أيضاً باعتباره مرشحاً لتولي منصب الوزير. وأخيراً، يأتي اسم الروائي زين عبد الهادي، الذي شغل منصب رئيس دار الكتب والوثائق القومية، ورئيس قسم المكتبات والمعلومات في كلية الآداب في جامعة حلوان.
وكانت أنباء ترددت قبل أيام حول ترشيح الناقد السينمائي عصام زكريا لتولي حقيبة الثقافة، إلا أنه نفى ذلك عبر صفحته على الفايسبوك، مؤكداً أن الأنباء لم تكن سوى شائعات. وبالمثل، نفى سامح مهران تلقيه أي اتصالات من قبل المسؤولين في الدولة بخصوص تولّيه حقيبة الثقافة. وبذلك، يبقى اسم محمد عفيفي كأبرز المرشحين، والأوفر حظاً، بخاصة في ظل تمتعه بثقة الطرفين الأقوى في معادلة الوزارة: الدولة من جهة، والجماعات الثقافية الفاعلة بمختلف مشاربها من جهة أخرى.
وبشكل عام، وبالنظر إلى الأشهر السابقة خلال فترة المستقيل عبد الواحد النبوي، فإنّ أداء الوزارة في ظل عدم وجود وزير، ربما يبدو عاقلاً نسبياً مقارنة بفترة تولي النبوي للمنصب التي اتسمت بقدر وافر من الرعونة والسلبية. والأمر المرجّح أن أحد الأسماء السابقة ستتولى مسؤولية الثقافة المصرية خلال الساعات القليلة المقبلة، في ظل حكومة يترأسها المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول الأسبق.