الجزائر ـــ سعيد خطيبي بين محمد مولسهول (1955)، الكولونيل الذي قضى 36 سنة في صفوف الجيش الجزائري، وياسمينة خضرة الروائي الذي يصنع الحدث الأدبي منذ عشرين سنة، تفصل محيطات وعصور. شخصيتان متناقضتان، وعالمان مختلفان، تجمعهما خصلة واحدة: محاولة فرض الذات. محمد مولسهول، المنضبط، الخاضع لتعاليم المؤسسة العسكرية، يخالف في شخصيته ياسمينة خضرة الذي لا يفوِّت فرصة لإثارة الجدل. الروائي الفرنكوفوني الذي ترك المؤسسة العسكرية ليتفرّغ للأدب، مستخدماً اسم زوجته منذ التسعينيات، حلّ ضيفاً على «المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب» في الجزائر. كان يُفترض بالندوة أن تتمحور حول أدبه، وخصوصاً روايته الجديدة «أولمب الحظوظ البائسة». لكنّ الجلسة تحوّلت منبراً للتشهير ومحاكمة بعض الصحافيين والمثقفين الجزائريين. أما السبب فهو ما ورد، منذ أسابيع، في صحف جزائرية، عن تشابه بين رواية خضرة الأخيرة من جهة، وعوالم المصري الراحل ألبير قصيري، وهواجس الأميركي جون شتينباك من جهة أخرى. ورداً على النقّاد، ذكّر خضرة: «أنا أنتمي إلى نخبة مثقفة لا تتحلى بروح المسؤولية»، في مسعى للحطّ من قدر النخبة الجزائرية التي تضم أسماءً بقامة آسيا جبار ومحمد أركون. وتابع صاحب «صفارات بغداد»: «هناك كتّاب يحاولون اختلاق الجدل بحثاً عن مكانة، ويعتقدون أنّ الأدب لعبة مصادفات». بدا صاحب Cousine K

هاجم مثقفي الجزائر التي تخاف من رجل ميت، ودعا إلى إعادة قراءة كامو

في حالة توتر، وراح يتحامل على الجميع قائلاً: «في باريس، لا يحبونني، لأنّني لا أنتمي إلى أي تيار». علماً بأن دار «جوليار» المعروفة فتحت له أبواب العالميّة، ونشرت رواياته فيما رفضتها دور جزائرية. ثم وصف بعض الصحافيين الجزائريين بـ«المكبوتين»، مذكّراً بفضله على الدولة التي لجأت إلى خدماته لإدارة «المركز الثقافي الجزائري» في باريس. ورداً على سؤال عن أسباب توقيف قافلة ألبير كامو التي كانت آتية من باريس إلى الجزائر، أجاب صاحب «الاعتداء»: «للأسف، برزت فئة من المثقفين ربطت بين القافلة والنيو كولونيالية». وختم: «من المحزن أنّ الجزائر وما أدراك ما الجزائر، تخاف من رجل ميت. لكنّني لاحظت أنّ كامو ما زال حاضراً في الجزائر. عرضت مسرحية «الرجل الأول» المقتبسة عن رواية له بالعنوان نفسه، كذلك أفرجت السّلطات عن مليون يورو لإنجاز شريط مقتبس عن هذه الرواية. بالتالي، فقد جرى بلوغ الهدف من القافلة، ألا وهو إعادة قراءة كامو في الجزائر».