بشير صفير راوول دي بلازيو في لبنان للمرّة الثالثة. الحفلات الثلاث التي يحييها عازف البيانو الأرجنتيني في الـ«ميوزكهول» ابتداءً من الاثنين، قد تكون الأخيرة. من هنا، يفرض علينا هذا الاحتمال تناول تجربة دي بلازيو الفنية، بموضوعية علمية. بدأ دي بلازيو (1949) دراسة الموسيقى في السادسة من عمره. تعرّف أولاً إلى الموسيقى اللاتينية. ويقال إنه تأثر في بداياته ببيتهوفن ورخمانينوف. وفي مراهقته، أعجِب بظاهرة الـ «بيتلز». لاحقاً، أسّس Los Diabolicos. لم تعرف فرقته الشهرة خارج الأرجنتين، وليس هناك أي تسجيل يوثّق تجربتها، ما يضعنا أمام احتمالَيْن. الأول أن ما قدّمَته رديء. والثاني أن نتاجها جيّد، غير أن غياب عناصر الإنتاج والتسويق عرقل انتشارها خارج الحدود. لكن، من غير الممكن أن تكون الفرقة قد أعطت روائع فنيّة. في هذه الحال، لا شيء سيحول عبورها الحدود، والأمثال عن ذلك كثيرة من الأرجنتين ومن الفترة نفسها، وحتى قبلها (كارلوس غرديل، مرسيدس سوسا...). حلّ راوول الفرقة، ونقل العدّة إلى حقل آخر. لكن، هذه المرّة زرَعَ وحصَدَ. في كل الحالات، الفنان حرّ في تقديم ما يريد، والجمهور حرّ في تذوّق ما يناسبه. غير أن المشكلة تكمن في التصنيف. غير الملمّين بالموسيقى عموماً، وبعض العاملين في الشأن الفنّي، يتكلمون عن الجاز والموسيقى اللاتينية، ويركّزون على الموسيقى الكلاسيكية التي يقدّمها دي

الموسيقى الكلاسيكية إذ تراهن على الاستعراض

بلازيو. لكنّ راوول وزملاءه يقدمون ما يُسمّى New Age. مهمتهم تخفيف/ تسطيح الموسيقى الكلاسيكية (وأحياناً الجاز)، والتعويل على الاستعراض والإبهار و/أو الرومانسية. ظهر هذا التيار في السبعينيات وخَفَتَ نجمه مطلع الألفية، وها هو يلفظ أنفاسه اليوم. والدليل: في 1994، جمَعَ دي بلازيو جمهوراً بالآلاف في «ستاد دو شايلا». وفي 2005، لم يحقق النجاح المرجو في «بيال». فكيف سيكون اللقاء مع الجمهور اللبناني هذه المرّة في الـ«ميوزكهول»؟
الـ«نيو آيدج» قدّم عند ظهوره خياراً من الفنّ الاستعراضيّ، كما قدّم، في الجزء الهادئ منه، بديلاً خفيفاً من الحركات البطيئة في الموسيقى الكلاسيكية، المستخدَمة للاسترخاء والقيلولة. هو باختصار صرعة تسليع الموسيقى «المعقّدة»... والصرعات لا تعيش طويلاً. لكن أين المشكلة إن كانت الموسيقى سهلة (بمعنى خفيفة)؟ الجواب أن تذوُّق الموسيقى «الصعبة» ليست ممارسةً مازوشية. الصعوبة عموماً أقرب إلى الحقيقة المطلقة. وكما أنّ المسألة الحسابية المعقدة تقترب من الحقيقة العلمية، فالموسيقى المعقّدة (في المضمون) تقرّبنا من حقيقة وجودنا! في انتظار ذلك الارتقاء، يمكن الجمهور أن يرفّه عن نفسه قليلاً في الـ«ميوزكهول»...


9:00 مساء بعد غد الاثنين وحتى 26 أيار (مايو) ــــ ـ«ميوزكهول»