حسين بن حمزةيشتغل خسرو حسن زاده (1963) على الرموز والتقاليد الشعبية والدينية، ويحولِّها إلى نوعٍ خاص من الأيقونات المعاصرة. هذا ما فعله الرسام الإيراني في معرضيه البيروتيين السابقين: «عاشوراء» (2002)، و«البهلوان» (2004). وها هو يعود إلينا بمعرض ثالث هو «يا علي مَدَدْ». إنها الصيحة التي يطلقها من يحتاجون إلى المساعدة، لكنها أساساً صرخة طقسية مجلوبة من التقليد الصوفي وجلسات الذكر التي يعقدها الدراويش وتتضمن نوعاً من الثَّمَل الوجداني والروحي. يحوي المعرض 11 لوحةً منفَّذة بمواد مختلفة على الورق والكانفاس. ما نشاهده لا يُشعرنا بأننا في معرض جديد وتكامل. ففي ثماني لوحات، نرى أجساد مصارعي فن البهلوان الذين رأيناهم سابقاً، لكنها محاطة هنا بهالاتٍ حروفية يتكرر فيها اسم الإمام علي، إلى جانب ثلاث لوحات تحضر فيها كوكب الشرق أم كلثوم!
بطريقة ما، يفتح زاده كوّة ضرورية كي نطلّ على التيارات الراهنة في التشكيل الإيراني الذي أفرز في العقدين الأخيرين تجارب شبابية تمزج بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي والفيديو والتجهيز. تأثيرات العولمة العابرة للحدود تؤدي هنا إلى خلائط هجينة ومدهشة عبر ارتطام الفنون الإيرانية التقليدية الراسخة

تجارب تمزج بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي والفيديو والتجهيز

مع اجتهادات ومجازفات حديثة وما بعد حديثة. نتذكر أسماء مثل فرخند شاهرودي ومهران مهاجر وشهرام انتخابي... ومازيار بهاري الذي أنجز فيلماً عن «مومسات» طهران اللواتي جرت تصفيتهن قبل سنوات على يد قاتل تسلسلي. نتذكر أن صور المومسات التي وزعتها الشرطة حضرت في معرض بالاسم نفسه لزاده أقيم في لندن. أغلب أبناء هذا الجيل درسوا أو أقاموا في أوروبا والولايات المتحدة. بحسب ما شاهدنا حتى الآن، يبدو حسن زاده أقل راديكالية من مجايليه، لكنه بارع في استثمار مكونات لوحته التي تبدو تراثية لأول وهلة. نقارن لوحاته الحالية بمعارضه الأخرى، فتتعزَّز فكرتنا عن الرسام البارع في توظيف عناصر وظواهر مشهدية عامة. هناك فن مفهومي يتجلى في الشغل على فكرة تحظى بشعبية واسعة لدى العامة، وتحويل حصيلة ذلك إلى نبرة شخصية أو فنٍّ خاص. يخلط حسن زاده بين الأصل الفوتوغرافي لشخوصه وإمكانات «الكيتش» العمومية، والنتيجة أننا أمام تجربة جديرة بالثناء.


حتى 29 أيار (مايو) الحالي ـــــ «غاليري جانين ربيز» (الروشة/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/868290