دمشق ــ خليل صويلحمعرض متجوّل لتسعة مصمّمين عالميين ينتمون إلى الثقافة الإسلاميّة أو ينحدرون منها، حطّ رحاله أخيراً في «المتحف الوطني» في دمشق. بدأت الرحلة منذ أربعة أعوام في «متحف فيكتوريا وألبرت» في لندن ضمن مسابقة لاختيار أفضل تصميم يستلهم التصاميم الإسلامية التقليدية، ضمن مبادرة «جائزة عبد اللطيف جميل» التي ترعاها المعمارية العراقيّة زها حديد. يهدف المعرض الذي يقام كل سنتين، إلى تعزيز الحوار الثقافي بين التراث الفني الإسلامي والفنون المعاصرة. في نسخته الثانية، يستوقفنا عمل الإيرانية أفروز أميغي «1001 صفحة» الفائز بجائزة الدورة الأولى. سلسلة قطع مفرّغة على البلاستيك باعتماد تقنية الضوء والظل والوهم البصري. رسوم وأشكال مستمدة من تأثيرات إسلامية مختلفة، كالمنمنمات، ضمن رؤية معاصرة تُبرز العمارة والأسطورة وتداخلهما في الحياة الإيرانية.
عمل الكويتية حمراء عباس «رجاءً لا تتقدم: ضياع قصة رائعة» عبارة عن صحون ورقية مخرّمة وفق أشكال هندسية مركّبة تحمل عبارة ساخرة «تفضّل اسكب». المفارقة أن هذه الصحون ملأى بالثقوب ولا يمكن استخدامها. لعل في هذا التناقض بين الفكرة ومدلولها تكمن قوة عمل المصممة في «تجسيد» الآليات المنحرفة في استهلاك الثقافة».

أعمال لحمراء عباس ورضا عابديني وحسن حجاج ...
وتلخص أعمال الإيراني رضا عابديني الارتباط الوثيق بين الجسد والحرف عبر أربع ملصقات في ابتكارات بصرية مدهشة تحيل إلى أصالة الفن الإيراني القديم. أما خواتم التركي سيفان بيكاكي فتستدعي أشكال المجوهرات في المرحلة العثمانية بتقنيات مختلفة كالتلوين والنقش والخط والموزاييك.
في عمله التركيبي «صالون»، يدعونا المغربي حسن حجاج إلى مضافة بدوية. جدران مغطاة بأشكال هندسية تكرر صورة جمل. لكن ما إن ندخل حتى تصدمنا العلامات التجارية التي غزت هذه المضافة في ابتكار فريد لمناخ السوق العربي المحموم بصناديق الكوكا كولا.
وقبالة «صالون» حجاج، يدير الإيراني خسرو حسن زادة حفلة ندب كربلائية (راجع ص 17). أما سوزان حيفونة فتستلهم في «أنا» المشربيات التقليدية التي تزخر بها البيوت المصرية التقليدية. فيما تستخدم الباكستانية سحر شاه، الغرافيك على الورق في لوحات تدمج الأشكال الهندسية الإسلامية بالفنون المعاصرة، كالرسوم المتحركة والغرافيك. تلجأ إلى كولاج يقيم علاقة بين عمارة غرناطة الأندلسية، ويشتغل على المكعب الذي هو الحجر الأسود المقدّس. أخيراً، نصل إلى أعمال كامل زكريا التي تستمد قوتها من التصاميم الإسلامية، ضمن مونتاج متكرر لألواح من الموزاييك والزخارف المختلفة. هكذا تتحوّل إلى أشكال تجريدية، تطرح أسئلة عن معنى الذات، والبيئة المحلية، والعيش بسلام داخل أمكنة محددة.