بعد أزمة صرف لموظفين في أيلول (سبتمبر) الماضي، ها هي نكسة أخرى تصيب الصحيفة السبعينية. إذ أعلن «الاتحاد العالمي للصحف» إلغاء مؤتمره الذي كان مقرراً في بيروت بسبب عجز الصحيفة عن توفير التمويل اللازم
ليال حداد
غداة إعلان «الاتحاد العالمي للصحف» إلغاء «المؤتمر العالمي الثالث والستين للصحف»، الذي كان مقرراً عقده في بيروت، أصدرت صحيفة «النهار» ـــــ المضيف المحلي للمؤتمر ـــــ بياناً أمس حاولت فيه إيضاح ملابسات القضية. جاء في البيان أن الصحيفة «تبلّغت بداية الشهر الحالي، من الشركة المكلفة الاتصال بالمعلنين والرعاة، إحجامهم عن الإقبال على رعاية تكاليف المؤتمر». وأضاف البيان إن السبب وراء هذا الإحجام هو «الأزمة المالية العالمية التي لم يسلم منها القطاع الخاص في لبنان... وارتفاع منسوب الحديث عن الحرب في المنطقة، والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بالحرب على لبنان». وأعلنت المديرة العامة المساعدة لـ«النهار» نايلة تويني أنها تأسف للقرار، وتعلم «أنها سبّبت الحرج للاتحاد العالمي». وكان الاتحاد قد ذكر في وقت سابق أن كلفة هذا المؤتمر تتخطّى مليوناً و600 ألف يورو «لم تتمكّن رسوم التسجيل من تغطيتها». وقد أعرب القائمون على النشاط عن أسفهم لما حصل، وخصوصاً أنّ هذا المؤتمر كان سيُعقد للمرة الأولى في دولة عربية، وقد أُجّل إلى السادس من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، على أن يُعقد في مدينة هامبورغ الألمانية.
كل ما سبق، أعاد الحديث عن الأزمة المالية التي تعيشها الصحيفة السبعينية إلى الواجهة. وهو الحديث الذي خرج إلى العلن آخر مرة، مع صرف أكثر من خمسين موظفاً في أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. يومها، أعلن مدير تحرير «النهار» غسان حجّار أن إدارة المؤسسة استدعت شركة الاستشارات المالية «بووز ألن هاميلتون» Booz لمراقبة إنتاجية الصحيفة. وخلصت الشركة الأميركية إلى أنّ الحل لأزمة «النهار» يكمن في «تقليص عدد العاملين فيها من 300 إلى 220 عاملاً». (راجع «الأخبار» عدد 28/ 09/ 2009). لكن يبدو أنّ خيار صرف الموظفين لم ينشل المؤسسة من أزمتها، فتأخّر دفع رواتب الموظفين الشهر الماضي، في ظلّ خلافات عائلية تخطّت أخبارها جدران الصحيفة.
هكذا، وقد بلغ الخلاف ذروته بين نايلة تويني، وأقاربها في الصحيفة، وخصوصاً عم والدها سامي تويني، وهو المدير المالي والإداري، وابنه ناجي. إذ يقول مصدر مقرّب من «النهار» إن رجال أمن الصحيفة منعوا سيارته من الدخول إلى الصحيفة في وسط بيروت، مبلغين إياه أنّ هناك قراراً إدارياً صادراً بهذا الخصوص.
ولعل الحديث عن هذه الأزمة المالية، ليس الأوّل من نوعه. فقد عرفت هذه الصحيفة سلسلة أزمات، لتعود وتخرج منها سالمةً... أو أقلّه هذا ما أُوحي به. ويؤكّد مصدر آخر أنّ الأزمة المالية رافقت «النهار» منذ نشأتها أي عام 1933 على يد جبران تويني الجدّ، لكنها استطاعت الاستمرار بفضل التفاف التجّار البيارتة حولها. وعادت وشهدت ازدهاراً كبيراً مع تسلّم غسان تويني زمام الأمور «فضخّ فيها دماً جديداً، وأدخل نظام مطابع متطوّراً، ثم أصدر ملحق «النهار» واستطاعت الصحيفة العودة إلى الصدارة». وكانت هذه الفترة ـــــ أي الستينيات من القرن الماضي ـــــ أكثر المراحل ازدهاراً. مع بداية الحرب، عادت النكسات لتلاحق «النهار» حتى عام 1992. يومها، جدّدت الصحيفة شبابها، بفضل أموال بعض الداعمين، وخصوصاً رفيق الحريري. وفي نهايات القرن الماضي، شهدت الصحيفة ما يشبه أزمتها الأخيرة، بسبب التضخّم في عدد الموظفين، والمعاشات الخيالية التي كان يتقاضاها المحرّرون. حينها، نشلها الحريري مجدّداً، بعدما بات يملك 35 في المئة من أسهمها.

خلافات بين عائلة تويني أدّت إلى خروج سامي تويني وابنه ناجي من الصحيفة
ومع تسلّم الراحل جبران تويني الصحيفة عام 2000، ازداد حجم العاملين فيها، ثمّ ازداد مصروفها مع الانتقال من شارع الحمرا إلى المبنى الجديد في وسط بيروت، لتعود وتدخل في عجز مالي أنقذها منه هذه المرة إلى جانب الحريري، الأمير الوليد بن طلال. ويرى كثيرون أن سبب استمرار «النهار» يعود إلى ضخّ المال الدوري فيها من جانب كبار المتموّلين أمثال الحريري، وعصام فارس، والوليد بن طلال. وجميع هؤلاء أعلنوا عدم رغبتهم في زيادة استثماراتهم في الصحيفة، حتى تخطّت سندات ديونها خمسة ملايين دولار في الفترة الأخيرة.
وفي ظلّ كل هذه التطورات، يؤكّد المصدر أنّ النائب مروان حمادة يبقى «الآمر الناهي» في الصحيفة، وأنّ كل القرارات الدقيقة والمصيرية لا تجري الموافقة عليها إلّا بعد أن يعطي حمادة الضوء الأخضر. من جهة ثانية، وتفادياً لضجة إعلامية قد تثيرها موجة صرف ثانية للموظفين، يتردّد أن هناك ضغوطاً تمارَس على بعض العاملين في الصحيفة، بغية حثّهم على تقديم استقالاتهم بأنفسهم. تجدر الإشارة إلى أنّنا حاولنا مراراً ـــــ بلا جدوى ـــــ الاتصال بمدير التحرير غسان حجّار للوقوف عند رأيه في القضية.


إعلام وسياحة

أنشأ «اتحاد الصحف العالمي» موقعاً خاصاً يعرّف به زوّاره على لبنان وعلى أهميته، مؤكّداً أن اختيار بيروت لانعقاد الدورة الثالثة والستين لـ«المؤتمر العالمي للصحف» سببه «أنّ لبنان هو استثناء ساطع» على الصورة الداكنة التي تلفّ إعلام المنطقة العربية. وجاء في الموقع أنّه إلى جانب أهميته الإعلامية، فإنّ لبنان «مكان ممتاز للاستمتاع». وتأكيداً على ذلك، عرض شريطاً مصوراً عن أبرز المعالم السياحية في لبنان، وصخب السهرات في بيروت! كما نشر البرنامج المفترض للمؤتمر الذي كان يضمّ مجموعة من الندوات عن مستقبل الإعلام ودور الإعلام الجديد...