حسين السكافمنذ فترة، تشكو الشاعرة الإماراتية ظبية خميس من مضايقات في أروقة «جامعة الدول العربية» حيث تعمل بدرجة وزير مفوّض. التهديدات انتشرت لتصل إلى بيتها في القاهرة! في أيلول (سبتمبر) 2009، نشرت صاحبة «وجوه ضائعة» على مدوّنتها عرضاً لكتاب كوكب نجيب الريّس «جامعة الدول العربية ماذا بقي منها؟» (الريّس ــ 2009). وقد أثار ذلك حفيظة بعض مسؤولي الجامعة، على رأسهم أمينها العام، ووصل الأمر أخيراً إلى حدّ إقالة الشاعرة الإماراتية من وظيفتها.
كوكب نجيب الريّس التي عملت في الأمانة العامة للجامعة العربيّة ثلاثة عقود، سلّطت الضوء على بعض ما كان يدور في أروقة الجامعة، ووصفت المعاناة التي عاشها ويعيشها الكثير من الموظفين، ممن لم تكن مواقفهم تتوافق مع هوى إدارتها. نشرت الريّس كتابها بعد تقاعدها مباشرة، وإذا بالكاتبة الإماراتيّة تتناوله في مقال طويل على مدوّنتها «روح الشاعرة»، مشيدة بآراء الريّس، ومؤيدةً لها. لكنّ تلك المبادرة لم تمرّ بسلام، إذ أحيلت الكاتبة على التحقيق وأزيحت عن منصبها كمديرة لـ«شؤون البعثات والمراكز»، إضافةً إلى التهجّم على مكتبها. فما كان من الشاعرة إلا أن رفعت شكوى إلى محمد السلماوي رئيس «اتحاد الكتاب والأدباء العرب» ورئيس «اتحاد كتّاب مصر»، وإلى حبيب الصايغ «رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات».
وهنا اكتشفت الشاعرة أنها تقف في مواجهة قوّة أخطبوطيّة، تمتد سيطرتها إلى مواقع متعددة ومختلفة... فقد عجزت عن إيجاد جهة إعلامية تسلّط الضوء على قضيّتها، ولم يبق أمامها متنفّساً إلا فضاء «الفايسبوك» الذي لجأت إليه أخيراً، لتحظى بدعم خجول، في النهاية، من بعض الأصدقاء. فما سرّ اختفاء المثقفين والكتّاب، وتقاعسهم عن دعم هذه الكاتبة؟
هل نشهد فصلاً جديداً من المأساة التي طبعت العلاقة بين المثقف والسياسي، التي غالباً ما تنتهي بهزيمة المثقّف الذي لم يساوم على أفكاره؟ مرّة أخرى تقف أنتيغونا في وجه الطاغية كريون. لكنّ ابن رشد لم يتراجع بعد إحراق كتبه. ظبية خميس التي أصدرت أكثر من خمسة عشر ديواناً وثلاث مجموعات قصصية واحدة من هؤلاء المثقفين الذين يحرّكهم إحساس دائم بالمسؤولية، وإيمان مطلق بالكلمة الحرة... والكلمة وحدها تنصف الشاعرة، حيث تقاعس شهور الزور!