تعقيباً على مقالة الزميل علاء اليوسفي «وأخيراً ابتعد رياض قبيسي عن الاستعراض» («الأخبار» عدد 22 حزيران يونيو 2010)، وصلنا من رياض قبيسي الردّ الآتي: «كتب السيد علاء اليوسفي مقالته «المداحة»، مفترضاً أن الصحافي اليافع موضوع المقالة سيرسم على محياه ابتسامة الرضى بعدما نال شهادة النضوج منه، أي من علاء اليوسفي الذي يحدّثنا عن التصوير الدرامي (لو يشرح لنا ما هو التصوير الدرامي)، قبل أن يخلص الى استنتاجه الخاص: لقد نضج المهرج. في مقالته، عمل اليوسفي على تمرير أكبر قدر من الانتقادات من خلال إشادته بتقرير الـpark meter، في محاولة منه لشرعنة انتقاداته التي وصلت إلى حد التجريح. ومع هذا، فإن المشكلة ليست هنا، بل في المنطق الذي استند إليه ليبني استنتاجاته. الواضح أن اليوسفي ينتمي إلى زمن الراديو، وعليه، فهو يعتقد أن التلفزيون ليس إلا راديو مع صور. ثمة مصطلح لا بد من التداول به هنا، وهو infotainment، أي المعلومة والترفيه. وعلى اليوسفي أن يحفظ هذا المصطلح جيداً ولا بأس بتعريبه، لأنه سيسمع به كثيراً من الآن فصاعداً. إذ إنّ التلفزيون، بخلاف ما يعتقد اليوسفي، ليس مصدراً أساسياً للمعلومة، بل وسيلة تواصل أحدثت تحولاً نوعياً على مستوى انتشار الثقافة الشعبية، وذلك لسبب بسيط: لغة التلفزيون هي الصورة، والصورة ليست بحاجة إلى شهادات مدرسية أو جامعية ليتم إدراكها. وعليه، فإن ما يعتبره اليوسفي استعراضاً نرجسياً، هو في واقع الأمر في منطق «المعلومة المرفهة» ليس إلا وسيلة لجذب المشاهد لمتابعة المواضيع الجادة. ولعل الأمثلة التي ساقها اليوسفي ضد «قفلاتي» خير دليل على ما تقدمت به. وقد فاته اعترافه من حيث يريد ولا يريد بأنه لم يقوَ على تغيير المحطة خلال مشاهدته التحقيق (من أين سيخرج رياض هذه المرة)، وفاته أيضاً ما يعني ذلك من نجاح في تمرير المعلومات الجادة، فالصعود على رافعة البناء، كان في تحقيق عن إعادة إعمار الضاحية، والتنكر بطاقية الإخفاء في طريق الجديدة كان لشرح الأوضاع الصعبة للمراسلين...
تطرح الأكاديمية الدنماركية نانسي غراهام هولم المعادلة الآتية: في غرفة التحرير عند توزيع المهمات، أحياناً تهمل المواضيع الجادة بحجة أنها مملة، فيحرم المشاهدون من المعلومات الجادة. وأحياناً أخرى، تعالج المواضيع الجادة بطريقة مملة، فلا تحظى باهتمام المشاهدين. المطلوب هو تقديم المواضيع الجادة بكثير من الإبهار مع المحافظة على نوعية المعلومة. تبقى الإشارة إلى أنّ تحقيق الـpark meter كان الذروة في الاستعراض، وعليه، على اليوسفي أن يراجع استنتاجاته، أو ربما عليه أن يساءل «مؤسسة طومسن فاوندايشن» التي منحتني جائزتين يوم كنت مهرجاً في عرفه».