الجزائر ـــ سعيد خطيبي تفضّل الروائية الجزائرية آسيا جبّار (اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء إيمالاين) الابتعاد عن عدسات الكاميرا. رغم الشهرة التي بلغتها رواياتها، وانتخابها أول كاتبة عربية عضو في الأكاديمية الفرنسية (2005)، وترشيحها لجائزة «نوبل»، فإنّ صاحبة «الحب والفانتازيا» (1985) لا تبوح إلا بالقليل مما يدور في ذهنها، كما نلتمس من خلال أحدث حواراتها التي أجرتها معها أخيراً «إذاعة براغ» على هامش «مهرجان الكتّاب في براغ». تحدثت جبار لأول مرّة منذ صدور رواياتها «لا مكان في بيت والدي» (2007) عن هواجسها الأدبية قائلة: «بعدما تجاوزت مرحلة مهمة من الكتابة، صار البحث أكثر ما يشغل بالي، كما لو أنني في صدد إعداد فيلم». وفنّدت ميل بعض النقاد إلى إدراج كتاباتها ضمن سياق النضال النسوي، مقرّةً بأن التركيز على الشخصيات الروائية النسائية، كما في روايتها «بعيداً عن المدينة المنوّرة» (1991)، نابع من حتمية تفرضها البنية السردية للنص.
صحيح أنّ آسيا جبار (1936) تكتب باللّغة الفرنسية، لكن معظم أعمالها تطغى عليها روح عربية، وذهنية جزائرية، متأصلة في وصف عوالم حياة شخصيات بسيطة، كما يتضح في «بياض الجزائر» (1996). وتتحدث الروائية نفسها عن علاقتها باللغة العربية: «لا أتقن اللغة العربية، لكن أحب أن أتحدث بالعاميّة». وتشير إلى فضل الأسرة في تنشئة هذه العلاقة الحميمة مع اللغة الدارجة: «كان والدي يتحدث مع أمي بالعامية». العامل العائلي والعامل التاريخي ــــ على اعتبار أنّ الجزائر كانت تمثل امتداداً لفرنسا خلال الخمسينيات ــــ أسهما في صقل شخصية جبّار. وعن علاقتها بالثورة التحريرية (1954 ـــــ 1962)، تقول: «لم أكن مهتمة بالدراسة فحسب، بل كنت معنية بالثورة».
حين أصدرت جبّار أولى رواياتها «العطش» (1957)، كانت المرأة الجزائرية تعيش في حالة بطريركية شبه مطلقة، ما حتم عليها توقيع الرواية باسم مستعار سيرافقها طوال مسيرتها الأدبية. بعد تجربة أثمرت 11رواية، ومجموعتين شعريتين، ومسرحيتين وفيلمين، تعيش جبّار اليوم بين الجزائر، وباريس... حياة ترحال تقول عنها: «أسكن الكتابة، لكن أشعر دوماً بأنّني جزائرية ومسلمة، رغم أنّني لا أمارس شعائري الدينية. مع ذلك أصوم شهر رمضان». وختمت قائلة: «هذه أنا، رغم أنّ ذلك لا يظهر جلياً في شخصيات رواياتي التي أراهن على تنوّعها».