بعدما تناول عدوان تموز، يعود المخرج اللبناني بـ«Home ــ الفنار» الذي يصوّر فيه معاناة المرضى في مستشفى «الفنار للأمراض العقلية والنفسية والعصبية»
زينب مرعي
«لمَ أنا هنا؟» تتساءل شخصيات فيليب بجالي في شريطه الوثائقي «Home ـــــ الفنار». كانوا يعتقدون أنّهم ذاهبون في نزهة مع العائلة، حين وجدوا أنفسهم في مستشفى «الفنار للأمراض العقلية والنفسية والعصبية» في المصيلح (جنوب لبنان). تُركوا هناك ولم تعد عائلاتهم تزورهم. كان ذلك منذ ستة أشهر لبعضهم... وعشرين سنة للبعض الآخر.
القضيّة التي تسلّمها بجالي من «مؤسسة التعاون الإيطالية»، بهدف تصوير ترميم المستشفى الذي كان في حالة يُرثى لها، تحوّلت بالنسبة إليه إلى قضيّة إنسانيّة، أراد من خلالها إثارة نقاشٍ في المجتمع اللبناني. ويطمح بجالي إلى أن تنال هذه القضية الاهتمام اللازم، ليؤدّي النقاش إلى تغيير فعلي في المجتمع. هذا المجتمع نفسه، الذي لا يزال حتى الساعة يرفض الحديث أو التعامل مع مرضى الأعصاب الذين يحتاجون إلى المساعدة.
عمل المخرج ستّة أشهر على إنجاز شريطه الذي تنتجه شركة newstime productions، بدعم من «مؤسسة التعاون الإيطاليّة». وكما هي الحال مع «Home ـــــ الفنار»، كذلك الأمر بالنسبة إلى جميع الوثائقيات والأفلام التي صوّرها. يختار بجالي دوماً العمل على قضايا تهمّه. وهنا بالإمكان استعادة عدد من أعماله، وأبرزها شريط «ذكرى خالدة» الذي تناول عدوان تموز 2006، إلى جانب عمله على قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيليّة، وقضيّة الطيار الإسرائيلي رون أراد في «المقايضة الكبرى»، الذي أنجزه مع الزميل إبراهيم الأمين. «لا يهمني أن أقدّم أعمالاً أنتقد فيها الأوضاع في لبنان، بقدر ما يهمني أن يتناول عملي قضايا البلد وأوضاعه ويعكس اهتمامي بالتأسيس لمجتمع أفضل،

يقدّم 3 محاور تتناول المرضى والمستشفى والعائلة التي أسّسته
نكون أكثر رضى عنه». هكذا، تشعر بأنّ أسلوب بجالي في «Home ـــــ الفنار» يحاكي عقل المشاهد قبل عاطفته، مع أنّ القضيّة المطروحة مشحونة عاطفياً. لكن على النقاش أن ينطلق من أسس منطقيّة. فيرفض المخرج أن يخفي وجوه المرضى أو يموّهها، حتى عندما يواجهون الكاميرا ويتحدثون. حتى إنّ أسماءهم حاضرة. فبجالي أخذ موافقة المريض على تصويره، وهذا كل ما يحتاج إليه. لكن غياب موافقة أفراد العائلة على ظهور المريض في الفيلم، سيمنع المخرج وشركة الإنتاج من التسويق له. لذلك، فإنّه لن يُعرض في لبنان سوى مرة واحدة، عند السابعة والنصف من مساء اليوم في قصر «الأونيسكو»، رغم أنّ أربعة مهرجانات إيطاليّة اشترته.
في هذا الشريط، عكس ما يتخيّل البعض، لا انهيارات عصبيّة ولا بكاء، فقط أشخاص يتحدثون عن أوضاعهم ومعاناتهم. يتنزّهون في المستشفى أو ينامون في الملعب، في محاولة لقتل الوقت. يشتغل الفيلم على ثلاثة محاور في حياة هذا المستشفى: عائلة اللبّان التي أسّسته عام 1967 وما زالت حتى اليوم تصارع وحدها للحفاظ عليه. أما المحور الثاني فهو المستشفى نفسه، والمحور الثالث يركّز على المرضى: لماذا هناك مرضى انتهت فترة علاجهم ولا يزالون هنا؟ لمَ لا يزورهم أحد؟ لماذا ترفض عائلات بعضهم تسلّم جثثهم، فدُفن 16 منهم في حديقة المستشفى؟


الليلة 19:30 ـــــ قصر «الأونيسكو» (بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/793180