بيار أبي صعب
لأننا نحبّ Placebo، نسمح لأنفسنا بهذا الاستقبال العابس لفريق الروك البريطاني في بيروت. الجمهور اللبناني يحب براين مولكو(الصورة) وستيفان أولسدال، ويعرف تاريخهما الصاخب منذ ذلك اللقاء العابر بين زميلي دراسة سابقين، في محطّة مترو ساوث كينسينغتون اللندنيّة، قبل 16 عاماً. طبع اللقاء مسار الروك البديل وتمخّض عن تجربة استثنائيّة بدأت صاخبة استفزازيّة مع الـ«بانك ـــــ روك»، ثم ذابت كليشهاتها الفضائحيّة داخل مناخات رومنسيّة، وتصفّت على امتداد ستة ألبومات ـــــ بيعت منها ملايين النسخ ـــــ وصولاً إلى الـ«هارد بوب» مع آخر تسجيلات الفرقة: «معركة من أجل الشمس» (2009).
معركتنا في هذه المنطقة من العالم، هي أيضاً من أجل الشمس! ضد الظلام والاستبداد والاستعمار بكل أشكاله. كنا نتوقّع من الثلاثي مولكو (غيتار وغناء...)، أولسدال (باص وبيانو...)، ستيف فوريست (درامز) أن يدرك ذلك قبل الإبحار شرقاً.
هل يحقّ للفريق الأسطوري أن يأتي إلى أرض المذبحة، كمن يمضي في رحلة سياحيّة؟ سيفكّر كثيرون الليلة أن الواقفين أمامهم في «فوروم بيروت»، كانوا قبل أربعة أيّام فقط في تل أبيب، يدعمون نظام الأبارتهايد، ويمنحونه برءاة ذمّة، مباشرةً بعد مذبحة «أسطول الحريّة». فإما أن هؤلاء يجهلون حقيقة الصراع وتلك مصيبة، وإما أنهم يغضّون الطرف... والمصيبة أعظم. براين مولكو يعرف، بدليل أنّه سخر من العنف الدموي الإسرائيلي في حوار تلفزيوني فُسّر مقلوباً في لبنان.
فكيف يقبل كاتب أغنيات «بلاسيبو» أن يكون شاهد زور يكتفي بـ«الحمّص والرياح والاستقبال المشجّع»؟ طبعاً، من حق الفرقة العالميّة أن تفعل ما تشاء. لكن من حقّنا نحن أن نحتج ونقاطع. الغضب لا يتعارض مع الحريّة. طبعاً، من حق بعض الشباب اللبناني ألا يهتمّ إلا بالروك، لكن من واجبنا أن ندقّ ناقوس الخطر، ونحذّر من الاغتراب عن الواقع، وخصوصاً في هذه المرحلة.
هناك سؤال يطرح نفسه اليوم بإلحاح: كيف يتعامل لبنان، الرسمي والأهلي، مع الفنانين العالميين الذين سيأتوننا، مستقبلاً، عبر الكيان الغاصب؟ هل نفرض عليهم أن يختاروا بين لبنان وإسرائيل؟ أم نرفع لهم لافتات كُتب عليها بالأحمر: أهلاً بكم في بلاد (ثورة) الأرز؟