بعدما سطع نجمها في «أشواك ناعمة»، ها هي الكاتبة السورية تعود بعد غياب طويل، لتقدّم مسلسلاً تواصل فيه سبر أغوار المشاعر النفسية العميقة، مع منى واصف وبسام كوسا ورفيق السبيعي، ونخبة من النجوم السوريين
وسام كنعان
سطع اسم الكاتبة السورية الشابة رانيا بيطار لدى عرض مسلسلها الثاني «أشواك ناعمة» في عام 2006 وأخرجته رشا شربتجي. يومها، لقي العمل استحسان الجمهور، وخصوصاً أنه من المسلسلات القليلة التي تغوص في المشاكل النفسية وفي ظروف المراهقات. بعد هذا العمل، غابت بيطار لأربع سنوات لم تقدم فيها أي نص تلفزيوني سوري، لتعود هذا العام بنص «الصندوق الأسود» الذي تستعد «شركة سوريا الدولية» للبدء بإنجازه، وتوكل مهمة إخراجه إلى السوري الشاب سيف الشيخ نجيب.
«نجاح «أشواك ناعمة» حمّلني مسؤولية كبيرة، وجعلني أبحث كثيراً وأجول في كل الملفات كي أعثر على ما يرقى إلى مستوى «أشواك ناعمة» أو يتميّز عنه. وهذا تطلّب مني الكثير من الجهد حتى أكملت الإعداد لـ«الصندوق الأسود»»، تقول رانيا بيطار لـ«الأخبار». وتشرح أنّ عملها الجديد يعتمد كثيراً على الغوص في المشاعر النفسية العميقة، مضيفةً: «لذا وجب عليَّ الاطلاع، واستشارة أصحاب الخبرة، والالتحاق بدورات عديدة في علم البرمجة اللغوية العصبية التي اعتمد عليها مسلسلي. وهذا ما جعلني أتأخر في تواصلي مع المشاهد».
يفترض «الصندوق الأسود» أنّ داخل كل إنسان صندوق أسرار يشبه صندوق الطائرة الأسود، الذي يكشف سبب أي عطل يلحق بها. هكذا، يسجّل صندوق الأسرار الإنساني المشاعر وتركيبة الشخصيات وسبل التفكير والتعاطي مع الحياة بكل ما فيها. تقول بيطار: «لو عرف كلّ منّا أسرار صندوقه الأسود وكيف وصلت به الأمور إلى ما وصلت إليه، لاستطاع أن يحرك حياته في الوجهة التي يريدها ويطمح إليها. وسيكشف المسلسل عن سبب انفجار المشاكل الاجتماعية وتأزّمها». وتضيف: «إنّه بيت الأسرار الذي يختبئ فيه كل شيء عنّا، وهو ما سيحويه المسلسل بحلقاته الثلاثين ضمن تشابكات درامية وشخصيات تتصاعد وتيرتها في مواجهة ما تشهده من أحداث إنسانية».
تشابكات درامية وشخصيات تتصاعد وتيرتها في مواجهة ما تشهده من أحداث
وعن الأسماء التي تشارك في المسلسل، تقول بيطار: «بطلة العمل شخصيّة اسمها قدرية كنت قد جزمت بأنّها لا تصلح إلا للنجمة منى واصف. وبالفعل، فقد اتُّفق معها على الدور». ويقف إلى جانب واصف في بطولة العمل: بسام كوسا، رفيق السبيعي، رامي حنا، مرح جبر، ضحى الدبس، شكران مرتجى، ديما قندلفت وآخرون.
لكنّ «الأخبار» علمت بأن النص تعرّض بعد كتابته لتعديلات كثيرة طلبها المخرج سيف الشيخ نجيب. هنا، لا تنفي بيطار صحة ذلك، موضحةً أنّ «العمل بصيغته النهائية يبدو أنضج، والتعديلات جعلت من النص مادة خاماً لعمل سيمتّع الجمهور ويقدّم الكثير من الفائدة ضمن قصة شديدة الالتصاق بالواقع».
لكن في المقابل، تنفي كاتِبة مسلسل «للبيوت أسرار» أنها خضعت لشروط الشركة المنتجة بإضافة «بهرجات» على النص بهدف تسهيل تسويقه. وترى أن ذلك لا يندرج ضمن سياسة شركة محترمة كـ«شركة سوريا الدولية»، لكنها ترى أنه يحق للمخرج أن يدلي بملاحظاته على النص. حتى وإن كان يملك المساحة البصرية لهذه المادة، فلا بد لرؤيته من أن تتفق مع رؤية الكاتب، من أجل تقديم عمل أكثر جاذبية وانسجاماً.
من جهة أخرى، خلال غيابها عن الدراما السورية، كانت الكاتبة الشابة تشارك في كتابة أعمال خليجية. وعن هذه المشاركات، تقول: «بعض تلك الأعمال ظهرت إلى العلن كـ«أيام السراب»، وبعضها الآخر تعرّض لعراقيل مثل مسلسل «وجه العدالة» المأخوذ عن برنامج الإذاعة السورية الشهير «حكم العدالة». وكان المسلسل قد عرض على «روتانا خليجية»، لكن بعدما أضعتُ سنتين في كتابة حلقاته، إذ قام صاحب النص الأساسي المحامي هائل اليوسفي ببيعه لغيري وأضاع وقتي وجهدي كما فعل مع الكثير من الكتّاب قبلي». لكن ما الذي دفع كاتبة سورية بعيدة عن البيئة الخليجية إلى العمل مع المنتج حسن العسيري في مسلسل «أيام السراب»؟ وهل اقتصر الهدف من المشاركة على الفائدة المادية؟ تجيب بيطار: «في البداية، أغرتني الكتابة لعمل عربي طويل ضمن ورشة سيناريو. وتخيّلت أن التجربة مع العسيري ستكون مجدية. لكننا ككتّاب سوريين، كتبنا بلهجة غير لهجتنا وعالجنا مشاكل بعيدة نسبياً عن مشاكل مجتمعنا، إضافة إلى عملنا مقابل حفنات من الدولارت لا تسدّ الرمق ولا توازي ما بذلناه من جهود. ثم قوبلنا بنكران الجميل».
وكانت الكاتبة السورية قد باشرت العمل على نص الجزء الثاني من مسلسل «صبايا» الذي تنتجه «شركة بانة» وكتبت نصّ جزئه الأول رنا الحريري. لكنّ بيطار سرعان ما اعتذرت عن عدم الاستمرار مع مازن طه ونور الشيشكلي اللذين استمرا بكتابة النص. هنا، تعزو بيطار سبب اعتذارها إلى خلاف حصل مع شريكيها في العمل من دون سبب وجيه كما تقول، إضافة إلى انشغالها بتعديلات «الصندوق الأسود»، ثم لرغبتها في تقديم أعمالها بمفردها بعد تجاربها «الخائبة» مع ورشات السيناريو.


أشواك لم تعد ناعمة...

رغم تأخّر البدء بتصوير مشاهد المسلسل الاجتماعي «الصندوق الأسود»، إلا أن الشركة المنتجة تعتزم تصويره قريباً، على أن يكون جاهزاً للعرض في رمضان المقبل على أكثر من فضائية عربية، فيما باشرت رانيا بيطار (الصورة) كتابة عملها الجديد «أشواك لم تعد ناعمة»، وهو الجزء الثاني من «أشواك ناعمة». إذ سيعيد طرح شخصيات العمل بعد مرور عشر سنوات. وعن هذا المسلسل، تقول بيطار: «سأتناول في عملي الجديد حياة بطلات مسلسل «أشواك ناعمة»، لكن بعد مرور عشر سنوات، أي بعدما كبرت بطلاتي وكبرت همومهن ومشاكلهن، ودخلن مضمار الحياة العملية. والتطورات ستقلب موازين الجزء الأول».