تعود أحداث الفيلم نفسه إلى تداعيات الحرب الأهلية في تشاد التي دارت قبل أربع سنوات بين القوات الحكومية والمتمردين، وأدت إلى مئات الضحايا. وقد اتّخذ المخرج محوراً لفيلمه هذه المرحلة التي عايشها. لقد أوضح هارون في حديثه للصحافة: «عشت الحرب الأهلية في بلدي، ثلاث مرات: حين أصابتني رصاصة طائشة عام 1980، وحين هاجرت مرغماً إلى الكاميرون المجاورة، على متن عربة يجرها والدي، ثم في عام 2006، على هامش تصوير فيلم «دارات»».
ربيع 2006، كان هارون يصوّر في العاصمة نجامينا مشاهد من فيلمه «دارات» (جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان البندقية»)، حين وصلت قوات المتمردين إلى أبواب المدينة، وفُرض قانون منع التجول ليلاً، فاضطر إلى توقيف التصوير. وشرع هارون يومذاك في تدوين ملاحظاته التي مثّلت لاحقاً مادة «رجل يصرخ». يسرد الفيلم مشاهد من يوميات عائلة تشادية بسيطة، تتألّف من الوالدين أدام (يوسف جاورو) ومريم (فاطيمي نجوا) والابن عبدل (ديوك كوما) الذين تفرّق بينهم عبثية الحرب. يضطر الابن (20 سنة) إلى الالتحاق بالجيش الحكومي لأنّ العائلة فقيرة لا تستطيع دفع
«رجل يصرخ» في جحيم الحرب الأهليّة
يتذكر محمد صالح هارون المواجهات العنيفة، قبل أربع سنوات، بين الجيش والمتمردين: «بعد بضع دقائق من المواجهات، سقط ما لا يقل عن 300 قتيل». معاناة بلغت ذروة من البشاعة واللاإنسانية، جاءت استعادتها على الشاشة، لتؤكّد اللحمة التي تربط بين المخرج ووطنه الأم. السينمائي الذي خصّته لجنة التحكيم الدوليّة بجائزتها الخاصة، اختار أن يدخل «مهرجان كان» تحت راية تشاد، مع العلم بأنّه أخرج، خلال السنوات الماضية، عدداً من الأعمال، التي نالت جوائز دولية، لكن بالتعاون مع منتجين أوروبيين، على غرار فيلمي «باي باي أفريكا» (1999ــــ جائزة أفضل باكورة سينمائية في «مهرجان البندقية») و«أبونا» (2002ــــ جائزة السينما الأفريقية في واغادوغو).