بيار أبي صعب هل اليوتيوبيات موجودة حقاً؟ سؤال سيحاول ميشال أونفري الإجابة عنه في بيروت، حيث يلتقي الفيلسوف الفرنسي، مساء اليوم، جمهوراً مهتمّاً بمقولاته الراديكاليّة التي تجمع بين الفكرة والجسد، بين المتعة والإلحاد. صاحب «فنّ النشوة» (1991) و«نظريّة الجسد العاشق» (2000)، تبدو مشاركته جدلية في برنامج متعدد المشارب الثقافيّة، تنظمه0 «البعثة الثقافيّة الفرنسيّة» تحت عنوان عريض هو «طوباويّات(*)». فرغم مقارعته أفلاطون، تبقى اليوتوبيا من العلامات الفارقة في مسار هذا الفوضوي، المتعوي، الملحد، المعادي لليبراليّة. لقد استقال من التعليم الرسمي في بلاده، احتجاجاً على طريقة تدريس الفلسفة في مناهجه القمعيّة، ليؤسس «جامعة شعبيّة» تضع المعرفة الفلسفيّة (ثم «الذائقة»)، مجّاناً، في متناول الجميع.
كتابه «بحث في علم الإلحاد» (2005) أثار نقاشاً حاداً، وها هو يعيد الكرّة بمؤلّف جديد يصفّي فيه حسابات قديمة مع الأسطورة الفرويديّة. صاحب «القراءة المضادة» لتاريخ الفلسفة الرسمي الذي يعكس نظام القيم السائدة، تلميذ نيتشه وقارئ سبينوزا، أعطى لنظريّته حول متعة الحواس أبعاداً أخلاقيّة وجماليّة وإبيستيمولوجيّة وسياسيّة. نتاجه الغزير (قرابة خمسين كتاباً خلال عقدين، بينها «نحت الذات» /1991، و«سياسة العاصي» /1997، و«أركيولوجيا الراهن» /2003، لم تعرف بعد طريقها إلى المكتبة العربيّة)، قائم على إعادة الاعتبار إلى الحواس، والتعامل مع الفلسفة كفنّ حياة يساعد الإنسان على التخلّص من أوهامه. لقد أخذ على عاتقه التصدّي للترسّبات الفكريّة، ولكلّ أشكال المحافظة. وهذا المشروع النقدي، الوجودي، يمثّل الطوباويّة في لحظة عناق (شبقي!) مع الواقع...