حالة توتّر تسود العلاقة بين المجلس الحالي للنقابة ويوسف الحويك الذي طلب من القضاء إبطال عضوية بعضهم بسبب مخالفتهم النظام الداخلي. النقابة ردّت أمس على رئيس «نادي الصحافة»... وحرب البيانات لن تنتهي قريباً
ليال حداد
لم تكد تمضي أسابيع على رحيل ملحم كرم حتى بدأت المشاكل تلاحق نقابة المحررين اللبنانيين. من موضوع خلافة النقيب الراحل، وتجديد عمل النقابة، وصولاً إلى... شكاوى قضائية رفعها رئيس «نادي الصحافة» يوسف الحويك ضدّ أغلبية أعضاء مجلس النقابة (10 من 11) بسبب «مخالفتهم القانون واجتهادات نص المادتين 1 و19 من النظام الداخلي للنقابة».
وتنص المادة الأولى من النظام الداخلي الصادر عام 1981، الذي لم يُفرج عنه إلا أخيراً، على أن النقابة «تضمّ كل محرري المطبوعات التي تصدر في لبنان شرط أن يكونوا من غير مالكيها...». أما المادة 19 فتمنع على أي محرر «يحجب مطبوعة (أي يتحمّل مسؤولية صحيفة لا يملكها صحافي، أو تملكها مؤسسة أو صحافي يجمع ملكية مطبوعتين أو أكثر) أن يشترك في انتخاب نقابة المحررين ما لم يتخلّ عن هذه المسؤولية قبل أربعة أيام من موعد الانتخاب بطلب يقدّمه إلى وزارة الأنباء (الإعلام)، ويسلم نسخة عنه إلى أمين سر النقابة».
انطلاقاً من المادتين المذكورتَين يتبيّن أن عدداً من أعضاء مجلس النقابة هم بالفعل مدراء بعض الصحف والمطبوعات، مثل نائب النقيب سعيد ناصر الدين «الذي يملك مطبوعتين، وهو مدير مسؤول لإحدى الصحف» يقول يوسف الحويّك لـ«الأخبار». ويعدّد المسؤوليات التي يستلمها كل عضو في المجلس مثل جوزيف قصيفي، ومنير نجار، وحبيب شلوق، وعرفات حجازي، وغاصب المختار... التي تمنع عليهم الانضمام إلى مجلس النقابة. هكذا إذاً طلب الحويك من قاضي الأمور المستعجلة في بيروت إبطال عضوية هؤلاء، وبالتالي حل مجلس النقابة وتعيين حارس قضائي عليها. وهو ما ردّت عليه النقابة في بيان أصدرته أمس قائلةً إنّ «النقابة ليست شركة تجارية يمكن وضع اليد أو طلب تعيين حارس قضائي عليها». وطلبت النقابة من محاميها أنطون الحويك الدفاع عن «أعضائها المستهدفين».
لكن هل يطمح يوسف الحويك فعلاً إلى تحسين أوضاع نقابة المحررين؟ وما هو المشروع البديل الذي يطرحه للنهوض بالنقابة بعد 50 سنة من غيابها عن هموم الصحافيين؟ يؤكّد الحويك أنّه يريد فقط «استرجاع اسم النقابة وتاريخها، وفتح أبوابها أمام كل الصحافيين، إذ لا يمكن أن نسمح بعد الآن بأن تبقى على ما هي عليه». لا تبدو هذه الأسباب مقنعة بالنسبة إلى عضو مجلس النقابة غاصب المختار. ويفصح هذا الأخير عن شكوكه «بأن تكون هناك جهة سياسية تقف خلف الحويّك لوضع يدها على النقابة». والجهة السياسية المعنية هي 14 آذار، وخصوصاً أنّ للحويك ارتباطات وثيقة بهذا الفريق، لا سيّما وزير العمل بطرس حرب الذي يشغل الحويّك منصب مستشاره.
كذلك، فإنّ مصدراً متابعاً لأوضاع النقابة، يؤكّد أن الحديث عن محاولة تسييس المجلس النقابي، لمصلحة فريق ضدّ آخر لم يعد مخفياً. ويدرج المصدر ورشة العمل التي نظّمتها «مؤسسة سمير قصير» بالتعاون مع «مؤسسة فريديريش إيبرت» الألمانية أول من أمس في هذا الإطار، «وكان واضحاً من الحديث سعي بعض المشاركين إلى التلميح بضرورة تغيير توجّه النقابة كشرط أساسي للنهوض بها».
غير أن حدة المواجهة بين «نادي الصحافة» ونقابة المحررين، لا تقف عند هذا الحدّ، بل ترتفع وتيرتها إلى حدّ تبادل الاتهامات «الخطيرة». مثلاً يؤكّد الحويك أن النقابة سعت في مرحلة سابقة إلى التضييق على النادي من خلال «توجيه رسالة إلى رئاسة الجمهورية في عهد إميل لحود بمنع استقبالنا وهو ما حصل» يقول الحويّك. أما السبب برأيه فهو «غيرة النقابة من إنجازات النادي»! تضحك هذه الاتهامات غاصب المختار الذي يعلن أن «لا نغار من النادي، ولا من الأموال المشبوهة التي يتقاضاها الحويك، ليستأجر تارة مكتباً في وسط المدينة، ويفتح طوراً مركزاً في سن الفيل».

يعتبر أعضاء النقابة أنّ هناك أهدافاً سياسية يسعى الحويك إلى تنفيذها
من جهة أخرى، لا بدّ من الإشارة إلى أنه طيلة فترة استلام كرم النقابة لم يتمكّن أي شخص من الاطلاع على النظام الداخلي، حتى أن بعض أعضاء المجلس كانوا يجهلون البنود التي ينصّ عليها. ومع الإفراج عنه أخيراً، لا تزال لائحة المنتسبين محفوظة في أدراج النقابة من دون أن يتمكّن أحد من الاطلاع عليها. وهو ما يثير علامات استفهام، وخصوصاً مع خروج أصوات تؤكّد أنّ عشرات المنتسبين لا علاقة لهم بالصحافة، بل انتسبوا للاستفادة من امتيازات النقابة، وخصوصاً أنّ علاقات طيّبة كانت تربطهم بالنقيب الراحل.
وفي ظلّ هذا التوتّر، يبقى صحافيو لبنان بانتظار تحديد موعد انتخاب نقيب جديد، وخصوصاً مع تأكيد ثائر ملحم كرم عدم ممانعته استلام منصب النقيب من جهة، وإصرار القسم الأكبر من المحررين على استغلال فرصة الانتخابات هذه للقيام بـ«انقلاب» على كل القواعد التي حكمت العمل النقابي طيلة فترة استلام ملحم كرم النقابة.


اشتراك باهظ!

يتحدّث أعضاء مجلس نقابة المحررين عن خطة متكاملة وضعوها قبل ثلاث سنوات للنهوض بالنقابة. ومن بين بنود هذه الخطة، رفع الاشتراك السنوي إلى ما يقارب 400 دولار أميركي مقابل حصول الأعضاء على امتيازات وخدمات كما يحصل مع باقي النقابات. ولكن طبعاً، رفض قسم كبير من المحررين ذلك بسبب ارتفاع قيمة الاشتراك نسبة إلى المعاشات التي يتقاضاها الصحافيون في لبنان.
وفي وقت ظلّ ملحم كرم (الصورة) يردّد طويلاً أنه يدفع بنفسه قيمة الاشتراكات السنوية عن كل المنتسبين للنقابة، يتبيّن عند الاطلاع عن النظام الداخلي أنّ قيمة هذا الاشتراك عن كل فرد هي... 250 ليرة لبنانية!