بيار أبي صعبأين يمكن أن تلتقيه إلا في أصيلة؟ طيف الكاتب السوداني الشهير، بالعمّة والجلباب الأبيض، ما زال يحوم في أزقّة المدينة القديمة. قد تصادفه أيضاً في أرجاء الحديقة التي باتت تحمل اسمه، أو هنا في قاعة المؤتمرات التي طالما رجّعت صدى صوته الهادئ، وقد احتضنت أخيراً ندوة «الطيب صالح في الذاكرة» خلال الدورة الـ32 لـ«الموسم الثقافي» الشهير. بلدة الصيادين في الشمال المغربي، صارت مع السنوات وجهة أساسية على خريطة الثقافة العربيّة، وفضاءً للحوار والتفاعل وطرح الأسئلة، واكتشاف التجارب، واختبار الأفكار. وصاحب «موسم الهجرة إلى الشمال» الذي انطفأ في أحد مستشفيات لندن يوم 18 شباط (فبراير) 2009، كان من زوّار الساعة الأولى في أصيلة، كما ذكّر الأب المؤسس للمهرجان وعمدة المدينة، الوزير السابق محمد بن عيسى. الندوة التي حضرتها أرملة الكاتب في صفوف الجمهور، بدت أشبه بجلسة حميمة تستحضر الرجل الطيب، بمرحه وحكمته واعتداله وأدبه وسعة أفقه. ولاحت بين الحاضرين وجوه صديقة غابت، يألفها المكان: بلند الحيدري وإميل حبيبي، تشيكايا أوتامسي وجورجي أمادو... بن عيسى تذكّر أحلام البدايات التي شارك فيها «سيدي الطيّب». الإعلامي السوداني طلحة جبريل استعاد مقولة «ميثولوجيا المكان» التي طبقها الراحل على نموّ أصيلة وتوسعها عن طريق الثقافة، ذلك «النهر الجوفي الذي يجمع بين الناس». فيما رأى زميله ومواطنه حسن إبراهيم أن وفاة الطيب «حادثة عرضيّة، فالمشروع مستمرّ». أما الكاتبة العراقيّة إنعام كه جه جي، فحكت عن الرجل المترف الذي اكتشفته في أحد مطاعم باريس: «إنه الآن في فردوس ما، جميل كعادته، حوله أناس طيبون وحوريّات، يقرأ لهم أشعار المتنبي».