يَختتم ياسين عدنان برنامجه بحلقة «المثقّف محتجّاً»، تستضيف رئيس «المرصد المغربي للثقافة» شعيب حليفي. البرنامج الثقافي المتنوّع ربح رهانه للعام الرابع على التوالي
محمد العناز
يواصل برنامج «مشارف» الثقافي الذي يعدّه ويقدمه الشاعر والإعلامي ياسين عدنان ترسيخ حضوره في الراهن الثقافي المغربي. لقد استضاف البرنامج الذي أطفأ أخيراً شمعته الرابعة، أسماءً أدبية وفكرية وفنية بارزة مثل: محمد السرغيني، عبد اللطيف اللعبي، إدمون عمران المليح، الطيب الصديقي، عبد الكريم غلاب، إدريس الخوري، نور الدين الصايل، محمد برادة، خناتة بنونة وغيرهم من المغاربة.. وأدونيس، سعدي يوسف، أحمد فؤاد نجم، جابر عصفور وغيرهم من المشارقة... فهل يكون باستضافته هذه الأسماء وغيرها، قد حقق نوعاً من المصالحة بين القناة «المغربية الأولى» والمشاهد المغربي والعربي في الداخل والخارج؟
غالباً، ما يشتكي المثقف المغربي من غياب استراتيجية إعلامية في القنوات المغربية، ومرد ذلك اعتبار مديري هذه القنوات بأنّ الشأن الثقافي أمر ثانوي، وأن الاهتمام يجب أن ينصبّ على البرامج الترفيهية والمتنوعة، ما أسهم في زيادة الشرخ بينها وبين المشاهد المغربي الذي يعاني من طفرة القنوات الفضائية المتخصصة والعامة.
ويمكن القول إن «مشارف» بوصفه النافذة الوحيدة التي نطل من خلالها على المنتج الثقافي المغربي، قد استطاع أن يرصد ملامح الحركة الثقافية في المغرب والعالم العربي، ويقترب من سمات التحول الفكري والثقافي. كذلك أسهم في توسيع دائرة المشاهدين من مختلف الأعمار والاهتمامات. مثلاً، استطاعت الحلقة التي استضاف فيها معدّ البرنامج، محمد مشبال، أن تمثّل حدثاً برحاب «جامعة عبد المالك السعدي» في تطوان، انطلاقاً من الأهمية التي يحظى بها هذا الباحث لدى فئة عريضة من الباحثين والمهتمين. كذلك، مثّلت استضافة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم وحلقة الفنان الملتزم سعيد المغربي ـــــ على سبيل المثال ـــــ فرصة لمصالحة جيل السبعينيات الذي التهب بالحماسة الإيديولوجية مع «القناة الأولى» التي كانت تنعت دائماً في أدبياته بـ«دار لقمان»، وفرصة لربط الصلة بنوستالجيا لا تكاد تفارق مخيلة هذا الجيل المكتوي بالخيبات على حد تعبير الراحل أحمد المجاطي.

نجح في رصد الحركة الثقافيّة في المغرب والعالم العربي
وبلا شك، فإن الثقافة اليوم لا تمثّل ترفاً، بل لبنة أساسية من أجل المساهمة في التنمية المستدامة التي لا يمكن أن تتحقق من دون مجتمع المعرفة.
إن حصيلة المساهمة الإعلامية التي قدّمها عدنان من خلال برنامجه، تجعلنا في موقف المدافع عن هذا البرنامج. لكنّنا مع ذلك، نراه مظلوماً من حيث برمجته في وقت متأخر قد يصل إلى ما بعد منتصف الليل في أحيان كثيرة. ولقد تبيّن في الآونة الأخيرة من خلال مختلف التجارب العربية مدى أهمية الرهان على الإعلام الثقافي من أجل توصيل المعلومة، وتأطير المجتمع، والتعريف بالهويات المحلية، ما يتطلب من القناة الأولى توسيع مساحة هذا البرنامج، وتخصيص حلقات نقاش تهم مختلف القضايا الفكرية والجمالية والمدنية، وتنويع منتجها الثقافي بإضافة برامج ثقافية أخرى بنفس القيمة والأهمية، تنفتح على مختلف الندوات وورش العمل، والمنتديات والمبادرات الثقافية التي تعرفها بلادها. دور الإعلام الثقافي أولاً وأخيراً هو محاربة التسطيح، وتعميق الفكر النقدي الأصيل، ومساندة المبادرات، والفعاليات الثقافية التي يبدعها مثقفو هذا البلد بتسليط الضوء عليها ومواكبتها إعلامياً، وتعميم خطابات المثقفين وإتاحتها للجمهور العام ولمختلف شرائح المواطنين.
01:00 فجر اليوم على «المغربية الأولى»