أمضى المخرج البريطاني عشرة أعوام لكتابة هذا الفيلم الذي احتل قائمة الإيرادات في أميركا للأسبوع الثاني. «بداية» يستمدّ مادته البصريّة من عالم اللاوعي. قريباً على الشاشة في بيروت
زياد عبد الله
يبني كريستوفر نولن شريطه الجديد Inception (بداية، أو استهلال) على الحلم. ماذا لو استطاع أحدهم الدخول إلى أحلام الآخرين واستثمارها في خدمة غايات محددة؟ سؤال مشغول بالخيال العلمي والتشويق، أكثر من الأحلام بحد ذاتها. هذه الأخيرة ستمثّل مادة بصرية يستثمرها نولن بكل ما أوتي من إمكانات. منذ اللقطة الأولى، نقع على كوب (ليوناردو دي كابريو) مرمياً على الشاطئ تتلاعب به الأمواج. ثم يؤخذ لمقابلة سايتو (كين واتانابي) وتعاد هذه اللقطة وتكتمل مع نهاية الشريط بعد اتضاح كل شيء.
طيف «ميمنتو» (2000) الفيلم الذي اشتهر به نولن، يخيّم على شريطه الجديد: إنّه «الفيلم البازل»، مع جرعات تشويقية مفرطة... والحرص على تحويل البازل إلى متاهة، مع بهارات هوليوودية لم يكن نولن يأبه لها في Memento الذي يُعَدّ من علامات السينما الأميركية المستقلة. يقول نولن إنّه أمضى عشر سنوات في كتابة سيناريو «بداية»، أنجز خلالها جزأين من «باتمان» والثالث الذي يعمل عليه حالياً، وشريط «أرق» مع آل باتشينو، و«برستيج» مع هيو جاكمان وكريستيان بيل.
فقدان الذاكرة القصيرة، والأرق، والسحر، والخيال العلمي، والآن الحلم هي مناطق نولان الأثيرة. ويمكن هذه الصفات أن تنطبق أيضاً على دي كابريو الذي يؤدي الشخصية المحورية في الفيلم، بما يحاكي شخصية تيدي التي جسّدها في آخر أفلامه «جزيرة شاتر» لمارتن سكورسيزي. إذ تكون أحداث الفيلم كلّها من صنيع مخيلة تيدي المريضة، ويكون «بداية» من صنيع أحلام كوب.
فانتازيا بصرية مدهشة بفضل تقنيات الغرافيك
كوب يشبه العميل أو الجاسوس الذي يستعان به للحصول على معلومات فائقة السرية، مع فارق أنّ أداة كوب لتنفيذ ذلك تتمثل في الأحلام. إذ يستطيع دخول أحلام الآخرين والحصول على المعلومات التي يريدها. وستكون العمليات التي تقع شبيهة تماماً بالواقع الجاسوسي والاستخباري، ومفتوحة على كل أنواع المفاجآت والمطاردات وتبادل إطلاق النار، والقتال مع حراس اللاوعي بما يشبه «ماتريكس» عند انعدام الجاذبية الأرضية في الحلم.
يستثمر نولن بصرياً في الأحلام. ولعلّ الغرافيك سيقول كلمته الفصل لتقديم فانتازيا بصرية مدهشة في أحيان كثيرة، وهو يضعنا أمام مدينة تكون شوارعها متعامدة، وغيرها من مشاهد تستوقفنا كثيراً. وتمضي حبكة السيناريو وفق خطين متداخلين: الأول يتعلّق بما يصنعه كوب وطاقم عمله من أحلام. والخط الثاني يأتي من حياة كوب الشخصية وزوجته (ماريون كوتيّار) التي تنتحر لتتخلّص من الواقع وتعيش في الأحلام. وتظهر دائماً عليه لتمثّل عنصراً مخرباً على أحلام كوب التي أجّرها، في خدمة صاحب شركة ينوي القضاء على منافس له، مثلما هي الحال مع الحلم الأخير من الفيلم الذي يمثّل ربع الشريط.
الحلم الأخير سيكون عملية كوب الأخيرة. سنتتبعه وفريقه من حلم إلى آخر، وهم من البداية مستعدون للدخول في حلم ذي ثلاثة مستويات، سرعان ما يتخطى هذا الرقم ويصبح الحلم من خمسة مستويات. ومع النهاية، ستلتقي كل الخيوط التي نُسجت طوال الفيلم، وتتشابك وتفضي إلى مصائر كل المجتمعين في الحلم ذي المستويات الخمسة... وإلى جانبها مصير كوب الشخصي، وزوجته التي ماتت في الواقع، لكنها على قيد الحياة في الأحلام، من دون أن تنجح في أخذه إلى عالمها. وسيشاهد كوب ولديه ينظران إليه أخيراً، بعد أن يكون طوال الفيلم عالقاً في مشهد لهما وهما يلعبان، وقد أدارا إليه ظهريهما.

ابتداءً من 29 تموز (يوليو) «سينما سيتي» (01/899993)، «سوديكو» (01/616707)، «غالاكسي» (01/544051)، «إسباس» (09/212516)


طريق «الأوسكار» سالك؟

إنتاج Inception قبل موسم جوائز «الأوسكار» القادم، أثلج صدور النقاد. حتّى الآن، لم تظهر الإنتاجات الهوليووديّة الضخمة في المستوى المطلوب لدخول المنافسة. لهذا قد يكون شريط كريستوفر نولن الأوفر حظاً لناحية الترشيحات والجوائز. المخرج البريطاني أمضى ستة أشهر في إعادة صياغة سيناريو شريط الخيال العملي، لتشتريه شركة «وارنر بروس» في شباط (فبراير) 2009. انطلق تصويره في حزيران (يونيو) العام الماضي، بين طوكيو وكندا. الفيلم الذي بلغت كلفته 160 مليون دولار حقَّق في أسبوعه الأول نحو 60 مليون دولار على شباك التذاكر في الولايات المتحدة.