محمد خير«ومع كده أصابنا ظهورك المفاجئ بالذهول/ باعتباره تحسن في الموقف الشخصي/ وفرصة ما ينفعش نسيبها تتسرسب من بين صوابعنا/ زي شيء هلامي مش عارفين نحدده». ليست قصيدة من ديوان جديد بالعامية المصرية، فالكلمات للأميركيّة دارا وير، وترجمها إلى المحكية سامي إسماعيل. تندرج القصيدة ضمن العدد الثالث من الكتاب غير الدوري «مينا». الكتاب الذي يحرره المصري خالد حجازي، والأميركيّة آندي يانغ، يقيم جسراً بين مدينتي الموانئ: الإسكندرية، ونيو أورلينز. نصوص شعرية وسردية، فوتوغرافيا ولوحات، مقابلات مع أدباء عبر المحيط. الترجمة تتم للنصوص نفسها من اللغتين الإنكليزية والعربية (فصحى ومحكية) وإليهما، وبجهود عدد من المثقفين والفنانين في التحرير والمراجعة والتصميم الفني. من مصر أميمة عبد الشافي، وعبد الرحيم يوسف، وماهر شريف. ومن الولايات المتحدة هيلين سكالي وريبيكا غليد.
مضمون العدد لا يبعد عن مسمّى الكتاب، فاختار محرروه أن «يكون ميناءً حقيقياً، أو مرسى لنصوص الهجرة والمنفى والهروب» حيث «يبدو الحنين ـــــ كظهير خلفي للهجرة ـــــ على أهبة الاستعداد للقيام بمهمة الكتابة».
«مينا» كتاب غير دوري يحرّره كتاب مصريون وأميركيون
33 أديباً من الثقافتين، ثلثاهم من أبناء لغة الضاد. لسنا بصدد جيل معين، فالأسماء من إبراهيم عبد المجيد إلى أحمد الشمسي، ومن آن ولدمان إلى مارسيا وول.
الالتزام «بمدينتي الموانئ» ليس صارماً. إذ نقرأ بين الأسماء أدونيس يكتب: «أمشي وتمشي خلفي الأنجم/ إلى غد الأنجم/ والسرّ، والموت وما يولد/ والتعب المفرد/ تميت خطواتي وتحيي دمي».
لكنّ الالتزام بالحنين يبدو واضحاً في اختيار النصوص. يكتب «السكندري» علاء خالد عن « 9 شارع القرداحي» حيث «ما زالت الفيلا قائمة حتى الآن/ ربما لكي لا يخذلها شيء واحد في الحياة». وتكتب إيمان مرسال «يهدمون بيت أهلي». في قصيدة مرسال ـــــ ابنة مدينة المنصورة ـــــ نقرأ «كأن المعاول ليست كافية للهدم/ باليدين/ ينزع العمال الشباك الذي اعتادت أن تتسلل منه الجنيات، وبركلة يسقط الباب الخلفي إلى الخارج (...) باب الهدايا والساحرات أصبح باباً لنفسه».
الحنين في النصوص الأميركية يتخذ مسارات أكثر تعرجاً. تظهر البيوت أقل والمكاتب أكثر، فتكتب إليانور ولنير عن «مصانع الكذب، والبعوض في مستنقعات الملفات». أما مارلين هاكر فتكتب الصدمة: «من فرط الدقة أصيب الخطاط بالعمى».