نزل المهرجان بنسخته الثانية إلى شوارع المنامة، حيث أقيمت الأمسيات الشعرية والندوات الفكرية في المجمّعات التجارية! والهدف الترويج للثقافة بطريقة شبابية
المنامة ــ جعفر العلوي
في أحد أحياء المنامة، تقف رنوه بكاميرا صغيرة لتلتقط تفاصيل هذه المدينة العريقة. الصورة تبدو من بعيد كأنّها لسائحة عربية تحاول أن تكتشف المكان «الغريب». لكنّ رنوه ومجموعة من الشباب والشابات الذين يتجولون في أزقة هذه المدينة بكاميراتهم، ليسوا سوى شباب بحرينيين يحاولون سبر أغوار مدينتهم الكبيرة من خلال الصورة. إنّه بحث جمالي وفني عن التنوّع في المكان. ثيمة معقدة تذهب إليها مجموعة من الشباب في البحرين من خلال أكثر من اتجاه: الصورة، والنص، والتشكيل والعمارة. مذاهب كثيرة يبتكرها مهرجان «تاء الشباب» الذي أطلق أخيراً نسخته الثانية بتاءات ثلاث أرادها شعاراً له هي: «تعبير، تكوين، تغيير».
المهرجان الشبابي الثقافي الذي تدعمه وزارة الثقافة، يقدم من خلال فعالياته التي تمتد حتى الثامن من آب (أغسطس) المقبل، العديد من القراءات للمكان عبر معارض تشكيلية، وأمسيات شعرية وموسيقية، وندوات ولقاءات تستضيف العديد من الشخصيات المثقفة العربية.
أكثر من 400 شاب وشابة يعرضون ابتكاراتهم في العمارة، والشعر، والموسيقى من قلب العاصمة البحرينية، وامتداداً في أرجاء هذه الجزيرة الصغيرة التي تتوسط الخليج. المكان هذه المرة أقرب بكثير إلى العامة، إذ تقام أغلب الفعاليات في الفضاءات الاستهلاكية كالمجمعات التجارية والأسواق، ضمن شكل يقترب من الترويج للثقافة بطريقة شبابية بعيداً عن صورتها النمطية.
محمد جناحي، أحد المنظّمين، يؤكد أنّ المهرجان استطاع أن يحشد للثقافة جنوداً من الشباب الذين أسهموا في الإعداد للحدث، وتفاعلوا مع أفكاره وفعالياته. وهذا هو الهدف. يقول جناحي «أن تتوغل فكرة الثقافة في كل ذهن شاب، وخصوصاً أنّ نسبة الشباب في البحرين تبلغ حوالى 60 في المئة، وهي نسبة كبيرة ومهمة».

إعادة الاعتبار إلى المكان من خلال ترميم البيوت التاريخيّة العريقة

وإذا كان البحث في المكان ثيمةً، فإنّ اختيار المنامة مبحثاً في نسخة هذا العام من المهرجان، يرمز كثيراً إلى الاحتفاء بالتنوّع الغني الذي تفرزه أزقة هذه المدينة. هنا، تتجاور المساجد مع الكنائس والمعابد. ولئن تحولت هذه المدينة أخيراً إلى مساحة شبه خالية من السكان الأصليين، إلا أنّ المباني فيها لا تزال تشهد على فترة مهمة من تاريخ البحرين المعاصر الذي يحاول الشباب التقرّب إليه من خلال كرنفالات موسيقية وفنية تقام قرب معلم بارز في المدينة وهو «باب البحرين»، إذ تسعى وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى إعادة الاعتبار إلى المكان من خلال ترميم البيوت الشهيرة في المنامة، ومنها بيت الشاعر البحريني إبراهيم العريض الذي دشّن قبل سنوات.
هذا التنوع الديني والثقافي والفكري في المنامة، جعل محور الكتب التي تناقش في المهرجان يقترب أكثر من هذه المفاهيم. على طاولة صغيرة وسط أضخم مجمع تجاري في العاصمة، جلس الكاتب اليمني علي المقري ليناقش مع الشباب روايته «اليهودي الحالي». كذلك يناقش الكاتب نادر كاظم كتابه الأخير «خارج الجماعة». حتى الأمسيات الشعرية أيضاً ستكون جزءاً من هذا المناخ، إذ يقدّم الشاعر السوري جولان حاجي أمسية تحمل عنوان «ثمة من يراك وحشاً»، والشاعر منذر مصري «لأني لست شخصاً آخر»... كل هذه الفعاليات وغيرها تفاصيل في مشهد واحد يعبّر عن التنوّع والاختلاف في البحرين.


حتى 8 آب (أغسطس) المقبل:
www.ta2alshabab.org