تجرّأ بعض الإعلاميين في تونس على توقيع بيان يطالب بالإفراج الفوري عن الصحافي المسجون بتهمة «تعكير صفو الوطن»

وجّه عدد من الصحافيين والإعلاميين التونسيين رسالةً مفتوحةً من أجل إطلاق سراح الفاهم بوكدوس. وكان الصحافي التونسي قد حُكم عليه بالسجن أربع سنوات بعد بثه تقاريرَ عن الاحتجاجات التي وقعت عام 2008 ضد البطالة وارتفاع كلفة المعيشة في محافظة قفصة (راجع «الأخبار»، عدد 13 تموز/ يوليو 2010).
وجاء في الرسالة التي وقّعها الإعلاميون: «عرفتَ السجون التونسية وأنتَ يافع لمّا احتضنتك أقبيتها عندما كنت فتى في الكلية مستأسداً من أجل بضعة أحلام وردية مشحونة بحماسة شباب متقد. وها أنت تعود إليها اليوم كهلاً بعدما اعتقدتَ أنك خبرت الحياة ومطياتها. لكنّ الفاسدين فيها لم يتغيّروا، ولم يقتنعوا بأنّ البلاد تتسع للجميع، الصالح منهم والطالح. هكذا، اتهموك بتشكيل العصابات وتعكير «صفو» الوطن والاعتداء على الأشخاص والأملاك العامة! نخالك الآن تتلوى فوق سرير مهترئ. ينتفض صدرك ألماً وأسى. يخنقونك بعدما كمّموا صوتك الذي عهدناه مجلجلاً آتياً من أسفل قاع دهاليز مناجم الفسفاط في قفصة إلى شاشة التلفزيون، ونحن جالسون على أريكة فاخرة، أفضلنا قال: برافو على هذا المجهود الإعلامي يا بوكدوس!». وتابعت الرسالة: «ها أنت تسترجع أيام سجنك الأولى، وتتساءل عمّا تغيّر بمرور الزمن؟ ربما التقيتَ أحد خلانك هناك الذين لم يتمّ مدة حبسه، أو أحد الحراس الذين يقضون أكثر أيام عمرهم خلف القضبان، ليسألوك عن سبب عودتك. فماذا عساك تردّ؟ تجيبهم: «يريدون قتلي بعدما عجزوا عن كم فمي. الأقدار الأرضية منها والسماوية هي التي تتصرف في مستقبلي، هكذا أرادوا». ولكن هيهات يا بودكوس! مصيرك أنت الذي صنعته: لقد انحنيت أمام ضميرك وركعت أمام مبدئك. فخيراً

مطالبة بإخلاء سبيله بسبب حالته الصحية الحرجة واتهامه باطلاً بأعمال لم يرتكبها

فعلت. العسس لم يكونوا راضين. راقبوك، حاصروك، هدّدوك. ولما أتموا نسج شبكتهم، ها هم يطبقون عليك ويمصّون دمك. لكن، وإن خمد صوتك لسنوات معدودة، فإنّ هناك أكثر من فاهم بوكدوس، أنجبتهم هذه التربة الخصبة. إنّنا، الصحافيين التونسيين الموقعين أدناه، نطالب بإطلاق سراح زميلنا الصحافي التونسي الفاهم بوكدوس نظراً إلى حالته الصحية الحرجة، وبسبب اتهامه باطلاً بأعمال لم يرتكبها. ونستغل احتفال البلاد بعيد الجمهورية يوم 25 تموز (يوليو) لكي تكون مناسبة لإخلاء سبيله. الصحافي الفاهم بوكودس، لمن لم يصله النبأ، حُكم عليه بالحبس مدة أربع سنوات على إثر نشره تقارير تلفزيونية عرضتها قناة «الحوار التونسي» الفضائية المعارضة التي تبث خارج تونس، وتتعلق بتظاهرات قام بها محتجون في جنوب البلاد من أجل تحسين وضعهم الاجتماعي. تلك التحركات أفرزت سجن العشرات قبل أن يُفرج عنهم، وقتيلين مدنيين برصاص قوات مكافحة الشغب».


ومن بين الموقّعين على البيان: سفيان الشورابي (الأخبار)، أمل البجاوي (وكالة تونس أفريقيا للأنباء)، أسماء سحبون (الشروق)، محمد بوعود (الوحدة)، زياد الهاني (الصحافة)، صبري الزغيدي (الشعب)، توفيق العياشي (الطريق الجديد)، محمد سفينة (الوحدة)، أيمن الرزقي (قناة الحوار التونسي)، ناجي البغوري (الصحافة)، نزهة بن محمد (راديو 6)، ناجي الخشناوي (الشعب) زهير لطيف، هندة العرفاوي، عايدة الهيشري، جمال العرفاوي.