القاهرة ـــ محمد عبد الرحمنعلى رغم أنّ علماء الأزهر في مصر أكدوا مراراً أنّ «جبهة علماء الأزهر» ومقرّها الكويت، لا تمتّ إليهم بصلة، إلا أنّ هذه الجبهة تبدو ناشطة كثيراً، وخصوصاً في السنوات الأخيرة.
الجبهة التي يمثّلها يحيى إسماعيل حبلوش، المقيم في الكويت، تحظى بانتشار إعلامي واسع في ظل اهتمام الصحف ومواقع الإنترنت بالفتاوى «الساخنة» التي تطلقها على موقعها الإلكتروني. وقد شهدت الأشهر الأخيرة نشاطاً كبيراً للجبهة بعد إصدار بيانات تكفّر الكثير من الفنانين والمثقفين.
وآخر هذه البيانات، أصدرتها الجبهة ضدّ المخرج السوري يوسف رزق، بعد تصريحاته عن النبي إبراهيم في برنامج «الاتجاه المعاكس» على قناة «الجزيرة» (راجع المقال أدناه). واللافت أنّ البيان هو الأول الموجّه ضدّ شخصية غير مصرية في الفترة الأخيرة. إذ أصدرت الجبهة قبل أيام بياناً تضامنياً مع صحافيي مجلة «أكتوبر» الذين اتهموا رئيس التحرير مجدي الدقاق بإهانة الذات الإلهية، والسخرية من النبي محمد. وقالت الجبهة إنه إذا صحّ كلام الصحافيين، فإن الدقاق ــــ وهو من قيادات الحزب الوطني الحاكم ــــ يكون كافراً، و«خارجاً عن الملة». وهو ما دفع الدقاق إلى إصدار بيان ردّ فيه على الجبهة، وأكّد اعتزازه بالإسلام. وأضاف الصحافي المصري أنّه أدى فريضة الحج، وهو لا يقبل التشكيك بمعتقداته الدينية.
كذلك، فإنّ الأمين العام السابق لـ«المجلس الأعلى للثقافة» في مصر جابر عصفور، كتب سلسلة مقالات ردّ فيها على الجبهة التي انتقدت وزير الثقافة فاروق حسني بسبب دعمه لمن أعادوا نشر كتاب «ألف ليلة وليلة».

تحظى الجبهة بانتشار إعلامي بسبب اهتمام الصحف ومواقع الإنترنت بفتاواها المثيرة للجدل

وغالباً ما تستخدم الجبهة في بياناتها ألفاظاً وتعابير حادة. مثلاً، حمل البيان الصادر ضد يوسف رزق عنوان «بلاغ إلى الأمة كلها بعدما استخف بها أبناء المجون الرقيع». وقد يكون هذا العنوان «لطيفاً» إذا ما قارنّاه بعناوين بيانات أخرى مثل: «في جريمة سب الله ورسوله في مجلة «أكتوبر»»، و«إلى صبيان المواخير سفهاء ألف ليلة وليلة»... بينما حمل البيان الموجّه إلى مجموعة من نساء الأسرة الحاكمة في الكويت، والداعمات للفلسطينيين في غزة، نبرةً هادئةً ومشجّعة. ويبدو واضحاً من المواد المنشورة على موقع الجبهة دعمها الكبير لجماعتَي «الإخوان المسلمين»، و«حماس». حتى أنها تضع مقاطع فيديو لرئيس حكومة «حماس» المقالة إسماعيل هنية تحت عنوان «خطبة الجمعة لإمام المجاهدين».
وتأسست «جبهة علماء الأزهر» عام 1967 وكانت بمثابة جمعية أهلية أو «نقابة» لإدارة شؤون العلماء الاجتماعية. ومع تولي سيد طنطاوي المشيخة عام 1996، بدأت الصدام مع الجبهة التي كانت تطلق فتاوى تتعارض مع فتاوى الراحل طنطاوي. ونجح هذا الأخير عام 1999 باستصدار حكم قضائي بحلّ الجبهة. وقد استجاب لهذا القرار معظم شيوخ الأزهر، لتختفي الجبهة تماماً حتى عام 1997، حين أعلنت عن انطلاقها مجدداً من خلال ممثلها الوحيد يحيى إسماعيل حبلوش.