صاحب «روتانا» وشريك مردوخ والمساهم في CNN... يستعدّ لمنافسة «العربية» و«الجزيرة»، وفرض حضوره سعودياً وعربياً، تحت لواء «الاعتدال»
علاء اليوسفي
يبدو أن الوليد بن طلال آخذٌ في التوسع الإعلامي، وعينه هذه المرة على منافسة «العربية»، و«الجزيرة». ما سُرِّب حتى الآن يفيد بأن رئيس مجلس إدارة «المملكة القابضة» أعدَّ العدة لإطلاق قناته الإخبارية التي سيشرف عليها ويموّلها بنفسه «لما تستدعيه من استثمار مباشر» وفق ما قال. والمحطة الجديدة ستكون منفصلة هيكلياً ومادياً عن «المملكة القابضة» وعن «روتانا».
هذه الخطوة الجديدة تُوِّجت في الإعلان عن تعيين جمال خاشقجي مديراً عاماً، ورئيساً لتحرير القناة الجديدة، وهي خطوة تؤكد عزم الوليد على التحوّل إلى «مردوخ العرب» بعد توسعات قام بها أخيراً. إلا أنّ اللافت هو ما ورد في البيان الصحافي بأنّ القناة الجديدة ستدعم... «الاعتدال». هذه الكلمة تحديداً أثارت علامات استفهام عدّة: هل سيكون التوجّه السياسي لقناة الوليد شبيهاً بتوجه «العربية» و«اعتدالها»؟ وما يعزز مشروعية السؤال تعيين جمال خاشقجي رئيساً لتحرير القناة الجديدة. إذ ليس خافياً على أحد أنّ الصحافي المشاكس وصاحب الخبرة الطويلة في الإعلام والمعروف بليبراليته ومعاركه ضدّ التيّار الديني المتشدد، هو أحد المحامين البارزين عن سياسة السعودية الداخلية والخارجية على المنابر الإعلامية. كما أنّه مقرّب من الحكم، عمل سابقاً مستشاراً إعلامياً للسفير السعودي في واشنطن ولندن، ورئيس الاستخبارات السابق الأمير تركي الفيصل.
من جهة أخرى، من المعروف أنّ الوليد لم يورِّط نفسه إعلامياً في الصراع الدائر بين محورَي «الاعتدال» و«الممانعة»، رغم ارتباطه العضوي بتوجهات المملكة السياسية، ورغم علاقاته الاستثمارية بمؤسسات إعلامية غير حيادية سياسياً وإعلامياً، كشراكته الأخيرة مع روبرت مردوخ المعروف بتعاطفه مع إسرائيل، إضافةً إلى شراكته مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» التي تملك جريدة «الشرق الأوسط». فهل يتغيّر الوضع مع إطلاق قناة إخبارية جديدة؟
ويتوقّع بعض المتابعين لمسيرة الوليد الإعلامية، ألا يكون الربح المادي هو الهدف من إطلاق قناة إخبارية. ويؤكّد هؤلاء أن دور القناة سيكون سياسياً بامتياز خصوصاً على الجبهتَين السعودية الداخلية، والعربية الإقليمية.
وبالعودة إلى الأسابيع الأخيرة، لم يكن المتشددون في السعودية ليتخيّلوا أنّهم بنجاحهم في إقالة خاشقجي من رئاسة تحرير صحيفة «الوطن» في أيار (مايو) الماضي بعد نشره مقالة اعتبرت مسيئةً بحق الوهابية، إنّما يقدّمون خدمة مجانية لخاشقجي. الذي ما إن خرج هذا الأخير من نافذة الصحافة المكتوبة، حتى عاد من باب الإعلام الفضائي الواسع.
سلّم الدفّة إلى جمال خاشقجي، وقريباً نعرف الإسم وموعد الإطلاق
إذاً قناة جديدة يقودها خاشقجي ستشعل المنافسة الإخبارية على الفضاء العربي. وهي خطوة يدرك تعقيداتها مستثمر بحجم الوليد الذي أعلن سابقاً «أنّ الفضاء العربي لم يعد شاغراً كما كان قبل عقد من الزمن، وبالتالي لا بد للمحطة الجديدة من أن تكون إضافةً وبديلاً للمشاهد». وأشار إلى أن توجه القناة سيكون في خدمة التنمية في المملكة والعالم العربي، وتشجيع «الاعتدال» سياسةً، واقتصاداً ومجتمعاً. ولفت إلى أن القناة ستعمل على مدار الساعة، وستبث من أكثر من عاصمة. وأضاف: «ستكون هذه المحطة الإخبارية العصرية المميزة من أكبر القنوات على المستوى المحلي والإقليمي».
وأعلن مكتب الميلياردير السعودي أن القناة ستكون جزءاً مهماً من الصروح الإعلامية العملاقة التي يملكها الوليد. وفيما تُرك موعد إطلاق المحطة واسمها مؤجلين حتى آب (أغسطس) المقبل، رجحت مصادر قريبة من خاشقجي أن يكون مقرها الرئيسي إحدى المدن العربية التالية: أبو ظبي، دبي، المنامة، القاهرة. وسيكون إطلاقها بعد أقل من عام.
وتأتي هذه الخطوة ضمن مسار إعلامي أخطبوطي سلكه الوليد من خلال شراكات داخلية وخارجية. إذ فازت «روتانا» أخيراً بترخيص بث إذاعي على موجة FM في السعودية. وجاء الإعلان في شباط (فبراير) الماضي عن شراء شركة «نيوز كورب» التي يرأسها روبرت مردوخ لـ9.09 في المئة من شركة «روتانا»، ليعزز موقعها في السوق الإعلامي في الشرق الأوسط. وفي نيسان (أبريل) الماضي، صرّح الوليد بأن جزءاً من «روتانا» سيُطرح في اكتتاب أولي في خلال عامين.
في المقابل، تملك شركة «المملكة القابضة» حصة قدرها سبعة في المئة من الأسهم العادية (فئة ب) في شركة Newscorp. كما تملك حصة 29.9 في المئة في «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق ــــ SRMG» التي تنشر صحفاً عدة، أهمها «الشرق الأوسط» السعودية إضافة إلى «الاقتصادية»، و«عرب نيوز»، ومجلات متنوعة مثل «المجلة»، و«سيدتي»، و«الرجل». وفي انتظار اتضاح الصورة النهائية للقناة، يبقى سؤال واحد يشغل بال جميع المعنيّين: ما هو مصير بيار الضاهر وشراكته مع الوليد بن طلال؟ وإذا خسر الضاهر الدعوى المرفوعة ضدّه من «القوات اللبنانية»، فهل ينضم إلى مشروع الوليد، وخصوصاً بعدما تردّدت أخبار عن نية الضاهر إطلاق قناة «فوكس لبنان»؟


«فوكس نيوز» عربية؟

ما إن أعلن عن نية الوليد بن طلال إطلاق قناة إخبارية جديدة، ناطقة باللغة العربية، حتى خرجت أخبار وتحليلات عدّة ترحّب بهذه الخطوة أو تنتقدها سلفاً. ورأت بعض المواقع الإلكترونية أن إطلاق فضائية جديدة يموّلها الأمير السعودي ستخرج العالم العربي من ثنائية «الجزيرة» ــــ «العربية»، وتقدّم لهم خياراً ثالثاً. فيما رأى قسم آخر أن المحطة قد تكون أكثر «اعتدالاً» من «العربية». إذ يرى هؤلاء أن التعاون بين الوليد بن طلال، وروبرت مردوخ سيؤثّر حتماً على سياسة المحطة الجديدة التي لقبها بعضهم بـ«فوكس نيوز العالم العربي».