عمّان ــ أحمد الزعتريفرصة نادرة وفّرها «المعهد الثقافي الألمانيّ ــــ غوته» من خلال حفلة فرقة MSV Brecht في «مسرح البلد» قبل يومين. أتت الأمسية ضمن جولة شملت بيروت («آرت لاونج»)، ودمشق. كما تحطّ الفرقة الألمانيّة الشابة رحالها غداً في «مؤسسة الكمنجاتي» (رام الله ـــ فلسطين)، لإحياء حفلتها الأخيرة ضمن جولتها في المنطقة.
الجولة فرصة نادرة لأنّها توفّر فرصة الاطلاع على طزاجة المشهد الموسيقي في أوروبا. هي أيضاً فرصة للمقارنة بين مشهدين يبدوان كأنهما على طرفي هذا المشهد الموسيقيّ. لكن وبما أن الموسيقيين الأردنيين الشباب يشكون دوماً من قلة الاحتكاك مع الموسيقى العالميّة المعاصرة، بدت حفلة MSV Brecht مناسبةً لاختبار الذائقة الموسيقيّة الأردنيّة...
هذه الذائقة وجدت نفسها أمام مزيج موسيقيّ مغرٍ في شكله (جاز وروك وروك تجريبيّ)، وثريّ في توزيعه الآلاتيّ الذي يعتمد على الارتجال. يشتغل على هذه التوليفة كل من تيمو فولبريخت (تينور ساكسفون، وباص كلارنيت وكلارنيت)، وبيتر ماير (غيتار)، وبيرنهارد ماير (باص غيتار)، وهانو شتيك (درامز). أصدرت هذه الفرقة الشابّة التي لا يتجاوز عمر أكبر أعضائها السابعة والعشرين أسطوانة وحيدة بعنوان Urwaldallee عام 2009.
بدعوة من «غوته» جالت الفرقة على المنطقة وصولاً إلى رام الله
قد يبدو ميل الفرقة إلى الجاز الحرّ والمينيماليّة والموسيقى التجريبيّة في بدايتها مغامرة لا يقدم عليها إلا المحترفون. لكن يمكن النظر إلى تجربتها من زاوية أخرى أي زاوية تراكم التجربة الألمانية في الجاز منذ العشرينيّات. ورغم انحسار الجاز في الثلاثينيّات والأربعينيات بعدما اعتبرته السلطات الألمانيّة في حينه «ضجيج الزنوج»، إلّا أنه عاد ليؤسس لمشهد غنيّ، مع ظهور موسيقيين محترفين، إضافة إلى إحياء الرواد (مايلز دايفز وتشيت بايكر...) حفلات في ألمانيا.
يمكن الحديث عن تجربة MSV Brecht من هذه الزاوية، بانفتاحها على الجاز الحرّ. إذ تبدو الفرقة في أكثر لحظاتها صخباً نسخةً عصريّةً عن رائد الجاز الحرّGrachan Moncur III). إضافةً إلى انفتاحها على الروك التجريبيّ الذي يقترب من الروك الصناعي أحياناً (وخصوصاً مقطوعة Urwaldallee)، والمينماليّة، باللعب على الحد الأدنى من التعبيريّة الموسيقيّة.
من جهة ثانية، فإنّ «معهد غوته» في الأردن يمدّنا بين الفترة والأخرى بحفلات من هذا النوع، لكنّ هذا الإمداد يبقى ناقصاً من دون احتكاك مباشر مع الموسيقيين الأردنيين أمثال يعقوب أبو غوش، وطارق أبو كويك المنفتحين على التجارب العالميّة. على العموم، ينتظر الجمهور في رام الله غداً حفلة أهم ما فيها أنّها تورّطنا في المزاج المستقبلي ربما للموسيقى.

مساء غد ــــ «مؤسسة الكمنجاتي» (رام الله/ فلسطين المحتلّة). للاستعلام:
22981922-104 00972