بيار أبي صعبما زلنا ننظر إليها بصفتها ملهمة لوي أراغون، «مجنونها»، وشاعر الحب العظيم الذي خلّدها، أم لعلّها هي التي خلّدت قصيدته؟ التقاها ذات يوم من خريف 1928 في مقهى «لا كوبول» الباريسي، ولم يشف بعد ذلك من «عينيها» اللتين «تتمرّى فيهما كل الشموس». عاشا الحب والحرب والنضال والمقاومة والكتابة، ولم يفترقا إلا نادراً. سبقته إلى الموت قبل أربعين عاماً من اليوم، وانتظرت تحت شجرة الزان في حديقة بيتهما الريفي ـــــ «ناعورة فيلنوف» Le Moulin de Villeuve ـــــ حتّى وافاها في الأيام الاخيرة من شتاء 1982 البارد. إنها إلسا تريوليه. كانت على وشك العودة إلى بلدها روسيا حين التقت أراغون. فبقيت لتصبح أسطورة، وتعطي الفرنسيّة بعض نصوصها المهمّة. أكثر من ملهمة لأراغون (وقبله لجماعة «المستقبليّين» الروس، وتحديداً ماياكوفسكي الذي سيتزوج أختها الكبرى ليلي بريك). ابنة المحامي اليهودي التي تعلّمت لغة بودلير وبروست صغيرة في موسكو، كاتبة ومناضلة قبل كلّ شيء. شريكة أراغون في المقاومة الفرنسيّة، رغم أن أجواء المقاومين الذكوريّة لم تكن تتسع للمرأة إلا كـ«عنصر اتصال»، أو بصفتها «زوجة فلان». اعترف الشاعر الفرنسي لاحقاً بأنّه بدأ روايته «أوريليان» وعينه على إلسا تكتب «الفرس الأبيض» الذي يختصر تجربتها الإنسانيّة والسياسيّة. تنتمي الرواية التي حيّاها ألبير كامو إلى «الأدب المهرّب»، أي إن أفكارها تختفي خلف أسلوب مموّه ليفلت من رقابة الاحتلال، ويجد مكانه في المكتبات إلى جانب الأدب الخاضع للمعايير النازيّة. كتبت إلسا لاحقاً أن المقاومة كانت أفقاً خصباً للحركات الطليعيّة في الأدب والفنّ. كيف نقرأها عربياً في عام 2010؟