Riverdance بين حيويّة وحسيّة زينب مرعي
في ليلة 30 نيسان (أبريل) عام 1994، صعدت فرقة «ريفردانس» لأول مرّة على المسرح لتؤدّي عرضاً من سبع دقائق، خلال مسابقة الـ«يوروفيجن» الغنائيّة التي كانت تنظّم وقتها في العاصمة الإيرلنديّة دبلن. أصبح هذا التاريخ في غاية الأهميّة بالنسبة إلى الفرقة والإيرلنديين عموماً. إذ إنّه في مناسبة اليوبيل الذهبي لـEurovision (2005)، اختير عرض «ريفردانس» كأفضل عرض يُقدّم في تاريخ المسابقة بين فقرات الحفلة الرسميّة. لكن الأهم من ذلك أنّه كان بمثابة نقطة تحوّل في تاريخ الثقافة الإيرلنديّة. إذ نجحت الفرقة في نقل تراثها إلى العالم، عبر تسليط الضوء على الرقص والموسيقى التقليديّة (السلتية). وتلك الإطلالة ستكون انطلاقة Riverdance الاستعراض الضخم الذي دار حول العالم، ويقدّم في «مهرجانات بيبلوس الدوليّة» على امتداد خمس أمسيات، ابتداءً من 21 تموز/ يوليو الجاري.
إنّ تطوُّر الموسيقى والرقص التقليديّ في إيرلندا، stepdance، مترابطان ترابطاً وثيقاً. الاثنان يجدان منبعهما وأصولهما في تاريخ هذا البلد، خلال مرحلة ما قبل اعتناقه المسيحيّة... وصولاً إلى مرحلة التأثر بالرقص الأوروبي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وخصوصاً رقصة الـQuadrille. في المقابل، كان لـstepdance تأثير واضح على رقص النقر الأميركي مثلاً. على وقع أصوات أحذية أعضاء الفرقة وموسيقى فرقة «بلانكستي»، أعادت «ريفردانس» الحرارة إلى أوصال الرقص والموسيقى التقليديّة الإيرلنديّة اللّذين كانا لا يزالان يمارسان في إيرلندا على نطاق ضيّق. بعد عرض Eurovision، كان النجاح سريعاً. قدّمت بعدها «ريفردانس» التي ينتج عروضها الزوجان جون ماك كولغن ومويا دوهرتي، أوّل عرض كامل لها أمام الجمهور في عام 1995. النجاح الشعبي الكبير الذي حظيت به الفرقة في أوروبا وأميركا خصوصاً، يعيده بعضهم إلى حيويّة هذا النوع من الرقص وحسيّته في الوقت ذاته، كما إلى العروض التي تشبه كثيراً المهرجانات. يتميّز هذا الرقص بحركة أرجل سريعة ومعقّدة، بينما تبقى اليدان ملتصقتين بالجزء الأعلى من الجسد، الجامد هو الآخر. ويمكن أن تؤدّي الرقصة مجموعة من الراقصين، شرط أن يصطفّوا في خط مستقيم، كما يمكن أن يؤدّيها ثنائي أو شخص بمفرده. وتنوِّع «ريفردانس» بين هذه الحالات الثلاث، وتجمع غالباً بين الرقص الفردي ورقص المجموعة من خلال إعطاء الموقع الأمامي لـ«معلّم الرقص» الذي هو غالباً الكوريغراف، بينما يمثّل الباقون خطّاً من خلفه. تناوب على مكانة «المعلّم» في «ريفردانس»، عدد من الراقصين، من بينهم جان باتلر والراقص الشهير مايكل فلاتلي الذي صمّم العروض الأولى

الجزء الأعلى جامد، فيما حركة الأقدام سريعة ومعقّدة
للفرقة مع فرقة «بلانكستي» للموسيقى الفولكلورية. مزج هذا الثنائي بدايةً خطوات رقص الـstepdance، المحدّدة بقواعد صارمة، التي يتعلّم ضمنها الراقص أن يخلق فسحة حريّته، مع الموسيقى السلتيّة التي أضافوا إليها نبض الروك من خلال الباص الكهربائي والإيقاع، لجعلها أكثر حداثة وحماسة.
لكن فلاتلي ما لبث أن ترك الفرقة ليؤسّس فرقته الخاصة Lord of the dance. موجة الـstepdance التي تنامت شعبيتها بسرعة مطّردة، جعلت «ريفردانس» تنتقل إلى برودواي في عام 2000. اليوم، بعد 15 سنة من العروض، قرّرت الفرقة أن تنهي مسيرتها المميّزة بجولة ختاميّة عالميّة، تمرّ خلالها بـ«بيبلوس» من 21 إلى 25 تموز (يوليو) الجاري. وهي المرّة الأولى التي تزور فيها الفرقة الشرق الأوسط. فرصة أخيرة إذاً لمشاهدة هذه التجربة الفريدة من نوعها التي حملت ثقافة شعب وتاريخه عبر الاستعراض، علماً بأن الفرقة أطلقت ظاهرة أكبر منها، وأعادت الاهتمام للرقص التقليدي الإيرلندي الذي جعلته «على الموضة». إذ إنّ العديد من فرق الـstepdance أبصر النور بعد «ريفردانس»، ليتابع التقليد مسيرته مع Feet of flames وLord of the dance، وغيرهما من الإنتاجات على مستوى أصغر.


من 21 إلى 25 تموز (يوليو) ـــ «مهرجانات بيبلوس الدوليّة» ــــ للاستعلام: 09/542020