صورة الطفل السوري الغريق ايلان كردي التي صعقت العالم، ألهمت العديد من الفنانين لتجسيد موته وطريقة توسدّه على رمال الشاطئ التركي. جالت صورته العالم وأثارت موجات من السخط ودقت ناقوس الإنذار الى ما وصلت اليه الحالة الإنسانية المأساوية للاجئين السوريين الهاربين من الموت في بلادهم. كذلك دقت أبواب أوروبا التي استقبل بعضها هؤلاء، فيما الآخرون متريثون أو متحفظون بشكل كليّ على هذه الخطوة.

مضى أسبوع كامل، وما زالت صورة الطفل السوري حاضرة. آخر الأعمال الفنية رسمة كاريكاتورية لأحد رسامي مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية إيمانويل شونو. الأخير رسم ايلان بالوضعية التي توفي فيها حاملاً على ظهره حقيبة مدرسية، مع عبارة «موسم العودة الى المدرسة» (بالفرنسية).
الرسمة التي غابت عنها الألوان وبقيت باللونين الأبيض والاسود، نشرها شونو على حسابه الفايسبوكي يوم 3 أيلول (سبتمبر)، لكنها لم تمر على خير. أثارت موجة عارمة من الانتقادات التي صب أغلبها في بحر العنصرية. صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية وقفت عند هذه الحادثة، وأجرت أخيراً حديثاً مع شونو أوضح فيه وجهة نظره والرسالة التي أراد إيصالها من وراء هذه الرسمة.

هجوم عنصري على رسمة إيمانويل شونو

رأى الرسام في هذا التجسيد الكاريكاتوري للطفل السوري بعداً من الرمزية والشاعرية، فأكد أن الهدف من رسمه هو «تبيان أن هذا الطفل ليس لديه الحظ كما الآخرين في الدخول الى المدرسة، وأن هذا الطفل هو طفلنا أيضاً».
هذا الهدف السامي الذي أراد الرسام الفرنسي إيصاله، قوبل بموجة من التعليقات العنيفة والعنصرية واليمينية كتعليق أحدهم على «تويتر»: «شارلي إيبدو: يبدو أن الموت لم يردعكم، أتريدون أن تعود إلينا «الأوبئة» على شاكلة الأخوين كواتشي؟ (المتهمان بالاعتداء على طاقم المجلة الساخرة الفرنسية)». هذا التعليق أعيد نشره ألف مرة على هذا الموقع، بينما ذهب آخرون الى القول بأن «لكلّ شيء حدود» وعبّروا عن عدم تصديقهم لما يرونه في هذه الرسمة!
شونو عبّر في حديثه مع الصحيفة الفرنسية عن استيائه من ردود الفعل المعادية على رسمته، مستذكراً تاريخ الاعتداء على «شارلي إيبدو» وكمّ التعاطف والتضامن الكبيرين مع الرسامين المغتالين.
قال شونو إنّ المتضامنين كانت تجرفهم عواطفهم جراء هذا الحدث حتى أنّهم لم يعيروا اهتماماً لتحليل الرسومات، بخلاف ما يصنعونه اليوم من خلال رسمة الطفل ايلان، مضيفاً: «التعليقات والرسائل المعادية لم تأت من جماعة معينة بل كل العالم اليوم «ليس شارلي»» والمقصود هنا وضع حدود لحرية التعبير التي يبدو أن حواجزها وقفت عند حدود رسمته الأخيرة.