أكثر من أسبوع مضى على إقالة رئيس تحرير الصحيفة الأردنية من دون معرفة الأسباب، وإن كان بعضهم يتناقل أخباراً عن تعرّض الناشر محمد عليّان لضغوط مختلفة
أحمد الزعتري
تلقّى الوسط الأردني صدمةً بعد إقالة رئيس تحرير جريدة «الغد» اليومية موسى برهومة أخيراً. وقد جاء ذلك بعدما اتّهم برهومة ناشر «الغد» محمد عليّان بالرضوخ لضغوط سياسيّة. وقد دفع ذلك أغلب مجلس تحرير الجريدة المستقلة التي تأسست سنة 2004 إلى تقديم استقالاتهم وحتى التهديد باعتصامات أمام أبواب الجريدة رفضاً للقرار. هذا الأمر دفع بعليّان، حسب مصدر في الجريدة، إلى التهديد بـ«إغلاق الصحيفة على العدول عن قراره». إلا أن تدخّل نقيب الصحافيين ورئيس تحرير يوميّة «الرأي» الرسميّة عبد الوهاب زغيلات، أدى إلى التراجع عن الاستقالات.
في الواقع، لا يثير التعديل في مواقع رؤساء تحرير الصحف الأردنيّة الضجيج الذي أثارته الحادثة الأخيرة. بل ربما كانت التعديلات هذه، من الأمور المسلّم بها، ويُمهَّد لها بإشارات عدة. هذا إضافة إلى الرقابة الناعمة من جهات رسميّة على مانشيتات الصحف وصور الصفحة الأولى. إلا أن الاختلاف هذه المرة هو الحديث العلنيّ عن تعرّض «الغد» لضغوط سياسيّة من جهات «ضاقت ذرعاً بالأصوات المختلفة» التي بحسب برهومة «تريد تحويل وسائل الإعلام إلى أبواق ناطقة باسمها».
في حديثه لـ«الأخبار»، يرى برهومة الذي استلم تحرير «الغد» عام 2008، أنّ الحكومة «لا تريد لأي صوت أن ينتقد الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها من الضرائب الجائرة وفرض قوانين موقتة، والتدخُّل في القضاء». يدلّل على ذلك تعرُّض بعض كتّاب الصحيفة للتضييق الذي وصل إلى رسّام الكاريكاتور عماد حجّاج.
مراسل «بي بي سي» سعد حتّر هو الأقرب إلى استلام منصب رئيس التحرير
يتّفق مدير تحرير صحيفة «العرب اليوم» فهد الخيطان مع برهومة، إذ يقول لـ«الأخبار» إن دور «الأصابع الحكوميّة واضح في الإقالة». ويشير إلى أن رئيس الوزراء سمير الرفاعي اجتمع قبل أسبوعين من الإقالة بعليّان وبرهومة اللذين «تلقيا انتقادات حول السياسة التحريريّة».
وبينما يبرّئ برهومة ناشر «الغد» ومالكها محمد عليّان بسبب «تعرّضه لضغوط كانت أكبر من أن يتحمّلها»، ينفي محمد عليّان لـ«الأخبار» تعرّضه لضغوط. بل برّر قراره بأنه نتيجة «أمور إداريّة داخليّة». وعند السؤال عن أسباب تغيُّر هذه الأمور الداخلية، أجاب عليّان «أريد لـ«الغد» أن تمشي في اتجاه معيّن غير ممكن مع برهومة». وأشاد في الوقت نفسه برئيس التحرير المقال الذي «أعطى الكثير للصحيفة».
لكن ما الذي أعطاه برهومة، رئيس التحرير الرابع خلال خمس سنوات، فعلاً لـ«الغد»؟ يقول برهومة «عملتُ على أن تكون صحيفة مستقلة ليبراليّة، ترفض التحوّل إلى بوق لهذه الحكومة أو تلك». وفي الرد على انتقادات المواقع الإخباريّة الإلكترونيّة التي شنت ضدّها «الغد» حملةً أخيراً، يقول «كانت الحملة تنظيفاً للبيت الصحافي من الدخلاء الذين يمارسون العمل الصحافي في سبيل الابتزاز وليس بدافع كشف الحقيقة».
المهم الآن أن كرسي رئيس تحرير «الغد» لا يزال شاغراً، والتكهّنات كانت تشير إلى استلام رئيسة مؤسسة «أريج» الصحافية رنا صبّاغ المنصب. غير أن «الأخبار» تأكدت من عدم صحة هذه المعلومات. وفي هذا الإطار، يشير مصدر في «الغد» إلى أن مجلس التحرير يتداول أسماء مراسل «بي بي سي» سعد حتّر، وهو الأقرب إلى المنصب، ومدير وكالة «بترا» السابق فيصل الشبول، وأسامة الرنتيسي الذي كان أحد مؤسسي «الغد»ومدير تحرير «أوان» الكويتيّة السابق، ونقيب الصحافيين السابق طارق المومني.
على أي حال، سيُستعان برئيس تحرير مهادن، يستطيع تهدئة الأجواء... وإرضاء الجميع!