معظم دراسات نصر حامد أبو زيد الهامة نشرت قبل رحلة المنفى الثقافي إلى هولندا. لم ينشر بعد ذلك بالعربية إلا كتاب «هكذا تكلم ابن عربي»، كما أصدر كتاباً بالإنكليزيّة عنوانه «الإصلاح الديني». في السنوات الخمس الأخيرة، عمل على مشروعه الأكبر وهو «من النص إلى الخطاب» حيث أعاد النظر في التعامل مع القرآن كنص بالمعنى الحديث لكلمة «نصّ».الكثير من القضايا الخلافية التي نشأت في تاريخ الفكر الإسلامي سواء بين المتكلمين والفقهاء، أو بين الحداثيين والسلفيين في العصر الحديث، منشأها أنّ التعامل مع القرآن يجري باعتباره نصاً. هذا يعني إمكان أخذ جانب من هذا النص، والقول هذا هو المعنى المركزي، والباقي هو المعنى الهامشي. تماماً كما يمكن أن يأخذ السلفي ما يقال عنه هامشاً ليجعله مركزياً. هكذا مثلاً يصبح «المحكم» عند «المعتزلة» متشابهاً عند «الأشاعرة» والعكس صحيح. الخلاف ليس على المعنى بل المبنى أيضاً. النتيجة التي توصل إليها أبو زيد أن التعامل مع القرآن كنص، يسمح بالتأويل والتأويل المضاد أيديولوجياً. مشروعه غير المنجز بعد، يتعامل مع القرآن باعتباره مجموعة من الخطابات. في هذه الحالة، يمكننا أن نعيد النظر في كثير ممّا تم الاستقرار عليه. هذا المشروع عمل عليه أبو زيد في السنوات الخمس الأخيرة. لم يكتمل لكنّه أنجز الجانب الأكبر منه... فهل يمكن أن يُبصر النور قريباً؟