في فيلم Close-up الجميل والمؤلم، صوّر الإيراني عباس كياروستامي قصة حسين سابزيان الذي انتحل شخصيّة المخرج محسن مخملباف، وأقنع عائلة ثريّة بتصوير فيلمه المقبل في منزلهم.في أحد أجمل مشاهد السينما على الإطلاق، يخرج مخملباف الحقيقيّ من السجن ويصطحبه سابزيان على دراجته الناريّة إلى منزل تلك العائلة ليعتذر منها. يقف مخملباف الآخر حاملاً نبتة منزليّة ابتاعها من على الطريق، قائلاً: «أنا سابزيان.. مخملباف». عندما يدخلان، توجّه امرأة المنزل ملاحظة إلى المخرج المشهور: «سيد مخملباف، مخملباف الآخر كان أكثر مخملبافاً منك».
حتى السينما الجديدة ليس لها مكان عند نفيسي
يمكن هذه الجملة أن تأخذ أكثر من معنى. لكن عند قراءة «أن تقرأ لوليتا في طهران»، نجد أن نفيسي وقعت في المطبّ نفسه الذي وقع فيه سابزيان على اختلاف النيّة: المزايدة على الشخصيّة الأساسيّة. الضحيّة هنا ليس مخملباف (فقط)، إنها الشخصيّة الإيرانيّة بعمقها وتعدّدها الثقافيّ المتراكم من آلاف السنين. هكذا تمرّ نفيسي على رموز الثقافة الإيرانيّة كأنّها تحصيها: حافظ وسعدي والروكي والخيّام والنظامي، وإشارة إلى «ساحة فردوسي» في طهران. لكنّها تناست رموز حركات التمرّد الثقافي، مثل فروخ زاده وأحمد شاملو، التي ظهرت في الفترة نفسها. هذا الإقصاء ينسحب على الفنون كلها. بسطحية، تصف نفيسي موقف فنانة تشكيلية هجرت الواقعيّة إلى التجريديّة «لقد أصبحنا نعيش واقعاً لا يطاق، واقعاً أسود قاتماً إلى حدّ أنني لن أستطيع بعد الآن أن أجسّد لون أحلامي». حتى موجة الأفلام الإيرانيّة الواقعيّة الجديدة التي وجدت لها مكاناً في العالم عبر سينمائيين كبار أمثال كياروستامي ومخملباف ومجيد مجيدي، ليس لها مكان عند نفيسي.
في أميركا، تروي نفيسي كيف وضعت اسطوانة The Doors التي أهداها إياها ولداها اللذان «اعتادا الاستماع إليه في إيران». ورغم أن صوت جيم موريسون، وهو يغنّي Crystal Ship، لا يقاوم أينما صدر، إلا أن الموسيقى الإيرانيّة تختفي في المقابل. في الكتاب المليء بالمرجعيات الثقافية الغربية، لا أثر للمعلم محمد رضا شجريان أو أي نوع آخر من الموسيقى الإيرانية، باستثناء مشهد ترقص فيه طالباتها!
ربما لم تشاهد نفيسي فيلم «لا أحد يعلم شيئاً عن القطط الفارسيّة» للمخرج باهمان غوبادي. هذا الفيلم الذي ينبش تحت السطح ليجد عشرات الفرق الموسيقيّة (المحرّمة) في إيران. وربما لم تستمع نفيسي إلى المغني المتمرّد محسن نامجو ومئات الموسيقيين الذين يؤسّسون لمشهد إيرانيّ معاصر. يكفي أحياناً أن تكشط السطح، لتكتشف أن المشهد ينبض بالحياة، على خلاف بلداننا العربيّة التي تعيش على السطح.
أحمد...