هناء جلادلم تكن «جمهورية قلبي» الأغنية الأولى لمحمد اسكندر التي تثير ضجّةً وردود فعل غاضبة. بل سبقتها أغنيته الشهيرة «قولي بحبني». ووصل الأمر بأحد علماء الاجتماع الغاضبين إلى رفع دعوى قضائية ضدّ المغني اللبناني بحجة تحريضه على العنف واستخدام السلاح الفردي من خلال عبارة «براسو بخرطش فردي». يومها، لعب ابن محمد اسكندر وكاتب أغانيه فارس اسكندر، إلى جانب الملحّن سليم سلامة، دور محامي الدفاع عن هذه الأغاني.
وإن كانت ردود الفعل على أغنية «قولي بحبّني» قد مرّت بسلام، فإن التظاهرات النسائية والحملات الإلكترونية الغاضبة التي سبّبتها «جمهورية قلبي» لا تزال قائمة حتى اليوم. إذ يبدأ مطلع الأغنية بـ«نحنا ما عنّا بنات تتوظّف بشهادتها...». وقد أثارت هذه الجملة تحديداً حملة شعبية كبيرة مندّدة بها وبالمغنّي اللبناني.
موجة فنية مضادة على أغنية «جمهورية قلبي»
هكذا، وبعدما احتلّت «جمهورية قلبي» المرتبة الأولى على الإذاعات المحلية والعربية لفترة طويلة نسبياً في زمن سرعة انحسار شعبية الأغاني الجديدة، قرّر بعض الفنانين الردّ على محمد اسكندر بأغان مضادة. وأوّل الغيث كان مع مي مطر التي غنّت «متلك مش عايزين رجال» من كلمات طوني أبي كرم وتوزيع الملحن محمود عيد. وتقول الأغنية «نحنا في عنّا شباب منعتزّ بثقافتها... بتفهم شو يعني شهادات وبتعرف شو قيمتها...». وفي مقطع آخر من الأغنية، توجّه مي مطر إصبع الاتّهام إلى كل من مغنّي «جمهورية قلبي» وكاتبها، فتصفهما بالجهل والتخلّف والأنانية. إذ تقول: «متلك مش عايزن رجال همّها حالا وشهوتها... نحنا ما بدنا ولا شاب من عصر الجاهلية... يجي يتحكّم فينا ويسميها رجولية...». وبرأي الأغنية، فإن كل فتاة ترضخ للشروط التي وضعها محمد اسكندر في أغنيته تكون «بنت ضعيفة وغبيّة». وفي أغنية «متلك مش عايزين رجال»، ثمة تقارب في الجملة مع «جمهورية قلبي».
إلى جانب مي مطر، قدّمت دومينيك حوراني أغنية من كلمات جهاد فرح وألحانه حملت عنوان «معقول... مش معقول». في هذه الأغنية، ترد حوراني على كل السجال الدائر حول «جمهورية قلبي»، فتقف على خطّ الوسط بين الغاضبين والمؤيدين. وتعترف بأن الكثير من الفتيات يتعرّضن للتحرّش الجنسي في مراكز العمل، وبالتالي يجب على المرأة الالتزام ببيتها الزوجي. ولكنها في الوقت نفسه تهدّد الرجل، فتقول: «عن شغلي تخلّيت كرامة رقة إحساسك، بدك إقعد بالبيت وتفلت إنت عراسك؟» وتضيف متوعدة في مقطع آخر «لخلّي الدني كِلّا تسمع صريخك، والله!».
لكن هل ستلاقي هذه الأغاني نسبة النجاح نفسها التي حصدتها «جمهورية قلبي»، وخصوصاً إذا نظرنا بوضوح إلى الساحة الفنية؟ إذ يبدو أن شعراء الأغنية العربية وملحّنيها يغطّون في سبات عميق، مكتفين بالأفكار والألحان المعروفة و«الدارجة».