الإسكندرية | الإسكندرية لا تنام. أو هكذا تبدو الحال هذه الأيّام في مقرّ مهرجانها السينمائي الذي يُتّمُ هذا العام دورته الحادية والثلاثين رافعاً شعار «مواجهة الإرهاب»، ومحتفياً برموز مصر السينمائية، والفيلم العربي روائياً كان أم وثائقياً طويلاً، كما يلقي نظرة خاصّة على السينما الروسية في تظاهرةٍ خاصّة.
بمشاركة ثلاثةٍ وثلاثين دولة؛ انطلقت فعاليات «مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط» في 2 أيلول (سبتمبر) الحالي، وتستمر لستّة أيام، على أن يُعرض خلالها 300 فيلم، 107 منها تتنافس في ست مسابقات، ضمن فئات الأفلام الروائية الطويلة، الأفلام الوثائقية والروائية الطويلة، الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، مبدعي الإسكندرية، الفيلم الروائي العربي الطويل، الفيلم الوثائقي العربي الطويل. علماً بأنّ الفئتين الأخيرتين يتم التنافس على جوائزهما للمرّة الأولى هذا العام.
الزيادة الملحوظة في عدد الدول المشاركة، وضيوف المهرجان (120 ضيف)، وإدراج مسابقتين رسميتين جديدتين للفيلم العربي، إلى جانب الاحتفاء بتظاهرة «رموز مصرية» التي تكرّم الفنّانين المصريين الراحلين فاتن حمامة، عمر الشريف، نور الشريف، سامي العدل، وشادي عبد السلام، كلّها عناصر تميّز الدورة الحاليّة من الحدث. هذا ما يؤكده مدير المهرجان الأمير أباظة لـ «الأخبار». تحمل هذه الدورة اسم نجم السينما المصرية محمود ياسين، وترفع شعار «السينما في مواجهة الإرهاب»، وهو ما يعتبره أباظة «انعكاساً لما يحدث على الأرض المصرية، ويشير إلى تكاتف المجتمع بكل فئاته في مواجهة الإرهاب، إضافة إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن والمهرجانات والفعاليّات الثقافية، كقوّة ناعمة في معركة الوطن».
هكذا، لا يخلو المهرجان من الإشارات والرسائل السياسية، ولعلّ أبرزها إقامة تظاهرة للسينما الروسية (نظرة خارج المتوسط)؛ «تحيّة للموقف الروسي الداعم والمؤيد لمصر»، كما يبدو لافتاً جداً الحضور الرسمي السوري، عبر وفدٍ يضم شخصيتين رسميتين هما محمد الأحمد مدير «المؤسسة العامّة للسينما»، وديانا جبوّر مديرة «المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»، إلى جانب نقيب الفنّانين السوريين زهير رمضان. من دون أن ننسى الحفاوة الكبيرة بتكريم النجمين السوريين دريد لحّام وسلاف فواخرجي. وتشارك هذه الأخيرة في الحدث عبر تجربتها السينمائية الأولى كمخرجة «رسائل الكرز» في مسابقة الفيلم العربي الروائي الطويل، فضلاً عن مشاركة فيلمي «الأم» (تأليف وإخراج باسل الخطيب) و«الرابعة بتوقيت الفردوس» (تأليف وإخراج محمد عبد العزيز) في المسابقة الدولية للفيلم الروائي الطويل، والفيلمين القصيرين «فقيد» لعلي ياغي، و«ابتسم فأنت تموت» (تأليف علي وجيه، إخراج وسيم السيّد)، و«مسكون» للواء يازجي ضمن مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل.
المشاركة السوريّة المكثفّة في مهرجان الإسكندرية 2015، تخلفّ وراءها قطيعةً استمرت قرابة خمس سنوات لسينما الداخل السوري، وتؤكدّ بحسب الأمير أباظة «العلاقة الأزلية بين الشعبين السوري والمصري».

ترفع الدورة الحالية شعار «السينما في مواجهة الإرهاب»


ما تعتبره إدارة المهرجان ميزةً لدورةٍ هذا العام، لم يلق الصدى ذاته عند المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي رأى في تصريحه لـ «الأخبار» أنّه «لو كان عدد الأفلام والجوائز ولجان التحكيم أقّل، لكانت الأجواء هنا أكثر دفئاً، وربما حقق المهرجان بصمةً أقوى، بوضوح الرؤية، وبقاء الأمور تحت السيطرة». وحول الشعار المعتمد، قال مشهراوي إنّه بطبعه يخشى «العناوين الكبرى، كما ألمس انعاكاساً واضحاً لهذا التوجّه ضمن نوعية الأفلام التي رأيتها على الأقل ضمن مسابقة الفيلم العربي الطويل التي أشارك في لجنة تحكيمها. لكن ذلك لم يخلّف لدي أيّ خيبة أمل، نظراً لوجود أفلام تناقش مواضيع منوّعة، وتتمتع بمستوى سينمائي».
وختم صاحب «رسائل اليرموك» (يشارك ضمن مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل) بدعوة السينمائين العرب لصناعة أفلام «تضع يدها على الوجع» في هذا التوقيت بالذات بدلاً من رفع الشعارات، و«تدعو للتعايش، وقبول الآخر بغض النظر عن الاختلافات في الدين والجغرافيا».
أحد أبرز صنّاع السينما المصرية المخرج محمد خان، تحدّث لـ «الأخبار» عن «أهمية مهرجان الإسكندرية» الذي حضره مراراً منذ دورته الأولى، ولفت إلى كونه يعاني «مشاكل كثيرة منها ما هو تنظيمي، أو لأنّه (أي المهرجان) يريد أن يصبح أكبر من حجمه»، متسائلاً: «ما الداعي لكثرة الأفلام المشاركة، وزيادة عدد المسابقات، ولجان التحكيم؟». ويعتبر أنّ «الفشخرة» كإضافة مسابقتين للفيلم العربي من شأنها «إفقاد المهرجان خصوصيته كمهرجان لدول البحر المتوسط، وربما ينعكس ذلك على تنامي حجم المجاملات في الجوائز».
وبانتظار أن تقول لجان تحكيم المسابقات الستّة كلمتها الأخيرة، وإعلان أسماء الفائزين بجوائز «مهرجان الإسكندرية» في احتفال ضخم سيقام في مكتبة المدينة الشهيرة مساء غدٍ الثلاثاء، تجدر الإشارة إلى المشاركات السينمائية اللبنانية اللافته عبر أفلام «الحياة سهلة» (روائي طويل، سيناريو وإخراج لمياء جريج)، «ترويقة في بيروت» (روائي طويل، سيناريو وإخراج فرح زين الهاشم)، «بانغ بانغ» (روائي قصير، سيناريو وإخراج سيريل باسيل)، «يوميات كلب طائر» (روائي، وثائقي طويل، سيناريو وإخراج باسم فيّاض)، و«حزن» (روائي قصير، سيناريو وإخراج أنطوني حنين).