لم تعش دمشق نهاية أسبوع هادئة، كما جرت العادة منذ بداية صيفها الحار. بل ازدحمت كل الشوارع المؤدية إلى قلعة دمشق منذ الساعة السابعة من مساء يومي الجمعة والسبت الماضيَين. إذ كان الجمهور السوري على موعد مع مرسيل خليفة في تمام التاسعة والنصف وفي الهواء الطلق. حضر الجمهور يردد أغاني الفنان اللبناني التي حفظها عن ظهر قلب.ولم يكن الجمهور من أهل دمشق فقط، بل توافد الحاضرون من معظم المحافظات السورية والدول العربية. وسرعان ما تبدّد كل الصخب الذي سبق الحفلة وتزاحم الجمهور عند أبواب القلعة مع إطلالة صاحب «تصبحون على وطن» مع فرقة «الميادين» على المسرح بعد عشر دقائق من الموعد المحدد. هكذا، بدأت الأمسية مع أغنية «ركوة عرب» ثم موّال «قومي طلعي ع البال» بصوت أميمة الخليل. ثم توالت الأغاني وتصاعد معها تفاعل الجمهور الذي فاق عدده خمسة آلاف.
ربما هي المرة الأولى التي يحضر الجمهور حفلة لصاحب «جدل» من دون أن يكون محمَّلاً الهواجس السياسية فقط، بل جاء ليستمع إلى الموسيقى والغناء. فاستمع إلى الحب والمرأة والأم والحرية والمقاومة.
تنقّل صاحب «أحمد العربي» من أغنية إلى أخرى فقدّم «سجر البن»، و«لبسوا الكفافي ومشوا»، ثم «يا نسيم الريح». ثمّ قدّم تحية للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مع أغنية «ريتا»، ثم القصيدة التي كتبها درويش لأمه وهي «تعاليم حورية» التي غنّتها يولا كرياكوس برفقة مرسيل.
واستمرّ برنامج الحفلة مع مقطوعة «تانغو» المهداة إلى روح المناضل تشي غيفارا. كذلك، تخلّل البرنامج بعض الأغاني التي أشعلت حماسة الجمهور مثل «منتصب القامة أمشي»، و«عصفور طل من الشباك» التي يهديها في كل حفلاته إلى السجناء العرب في السجون الإسرائيلية والعربية. أما مسك الختام فكانت الأغنية الشهيرة «يا بحرية» التي طرب لها الجمهور وتمايل عليها طويلاً ورددها بصوت عال مع الموسيقى ومن دون مرافقة موسيقية أيضاً.
هكذا، حضر خليفة إلى دمشق ليُحضر معه ألق الفنّ الملتزم والرصين الذي تجلى من خلاله شكل أبهى للحب، وأفق أوسع للحرية، كأن صاحب «وعود من العاصفة» في ذلك المكان التاريخي، أي قلعة دمشق، يرد على ابتذال الصورة الذي تروجه مجموعة كبيرة من الفضائيات.
وسام...