الإذاعة التي تأسست عام 1958، تبدأ قريباً البثّ من مقرّها الجديد في منطقة الضبية. لكن انتقالها مع إدارتها الحالية (آل الخازن) من المقرّ القديم في الأشرفية إلى المبنى الجديد لم يحلّ الملفات العالقة مع حزب «الكتائب» ولا الدعاوى القضائية
باسم الحكيم
إذاعة «صوت لبنان» على مفترق طرق، والنزاع على ملكيّتها مستمر في السر وفي العلن، أقلّه حتى مطلع كانون الأوّل (ديسمبر) المقبل. وهو موعد انتقال بث الإذاعة الحاليّة إلى مبناها الجديد في الضبية (شرق بيروت)، وإقفال أبواب المبنى الذي تشغله في الأشرفية مرحليّاً، إلى حين اكتمال تحضيرات حزب «الكتائب» لإطلاق إذاعته الخاصة. لعبة الأسماء، وشكل اللوغو، وموجات البث، والموظّفون الحاليون، كلها ملفات ترتسم حولها علامات استفهام مع غياب أي تصريح من «الكتائب». إذ يمتنع هذا الأخير عن إعطاء توضيحات بشأن إذاعته التي وعد بحسم ملفّها في غضون أيّام. وإذا بشهرين يمران وما زالت الصورة ضبابيّة.
في البداية، يردّد البعض أن الدعوى القضائيّة التي رفعها أخيراً حزب «الكتائب» ضد عائلة الخازن على أحقيّة اسم الإذاعة، سيفوز بها الحزب من خلال «الشركة الجديدة للإعلام». بينما أكدت مصادر من الطرف الآخر أن الاسم، واللوغو، وموجات البث كلها من حقّ الإذاعة التي تبث حاليّاً من الأشرفية.
باختصار تبدو الصورة ضبابية، وخصوصاً أن كلّ طرف يرى أنه صاحب الحق. وتنسحب هذه الحيرة على موظّفي الإذاعة الذين لم يفهموا حتى الساعة حقيقة ما يجري: هل الإذاعة ملك «الشركة العصريّة للإعلام» المملوكة لآل الخازن منذ حصولها على الترخيص عام 1996؟ أم أنّها ملك لـ«الكتائب» بما أنّها كانت مؤسّسة حزبية ناطقة باسمه قبل هذا التاريخ، وبالتالي فإن الاسم واللوغو من حق الإذاعة الجديدة التي ينوي الحزب إطلاقها.
في انتظار اتضاح الإجابات، يجري حالياً تجهيز المبنى الجديد في الضبية، فيما ارتفعت أسهم عائلة الخازن في «الشركة العصريّة» بعدما تنازل إبراهيم عبد الله ريشا لطارق سيمون وهيبة الخازن عن 510 أسهم، والنائب فادي الياس الهبر عن 400 سهم لمصلحة زياد سيمون الخازن... إلى جانب تنازل النائب الكتائبي عن 400 سهم لمصلحة عماد سيمون الخازن!
وفي وقت تردّد أن تيار «المستقبل» يدعم إدارة الإذاعة الحالية أي عائلة الخازن، خرجت أخبار عن نية المسؤولين عن المحطة إطلاق اسم «صوت لبنان المستقبل» على الإذاعة الجديدة التي ستبثّ من الضبية. وتغيير الاسم يبدو مسلّماً به عند الكتائبيين بما أنّ «الاسم الأصلي هو حق من حقوقنا، والكل يعرف من هو المالك الحقيقي لـ«صوت لبنان»».
لكن يبدو أن الواقع مختلف قليلاً عمّا يتمنّاه الكتائبيون. إذ إنّ الاسم كان من حق الحزب منذ عام 1958 حتى عام 1996، يوم صدر قانون تنظيم الإعلام. وقتها تبدّلت الأوضاع، إذ بات آل الخازن هم أصحاب الإذاعة. وقد صدر قرار في هذا الشأن ونشر في الجريدة الرسمية في تشرين الأوّل (أكتوبر) 2008. وقضى القرار بتسجيل الاسم («صوت لبنان» ــــ Voix du Liban) واللوغو (القديم والجديد)، باسم «الشركة العصريّة للإعلام» المملوكة لآل الخازن لمدة 15 سنة. لكن حزب «الكتائب» رفع دعوى قبل أيام لاستعادة الاسم الذي كان يملكه.

في عام 2008، نشر قرار في الجريدة الرسمية يؤكّد أنّ اسم الإذاعة، واللوغو، ملك لآل الخازن
هكذا، باتت الصورة أوضح، فآل الخازن هم الأحق في استخدام الاسم واللوغو، لكن السؤال الطبيعي هو عن مدى قدرة الإذاعة الحالية على شراء مبنى في منطقة كالضبية وفي وقت تعاني أصلاً تعثّراً مالياً؟ يؤكد رئيس مجلس إدارة الإذاعة عماد الخازن أن «المبنى الجديد مستأجر وليس ملكنا»، رافضاً تسمية الجهة المالكة.
من جهة ثانية، يبدو أن الإذاعة الكتائبية المنتظرة، لم تخصّص لها موجات للبث حتى الآن. وإذا استطاعت تأمين موجة للبث، فعليها انتظار الفصل في الدعوى في شأن الاسم الذي هو ملك للإذاعة الحاليّة. وإذا أبصرت الإذاعة الكتائبية النور، فإن الموظفين هم الذين سيكونون الرابح الأكبر، إذ لا شكّ بأنّهم سيتلقون عروضاً سخية من الطرفَين. لكن لا بوادر في الأفق، توحي بأن انطلاق الإذاعة الحزبية سيكون وشيكاً، وخصوصاً أن رئيس مجلس الإعلام في الحزب سيرج داغر ينفي أن يكون هناك موعد محدّد لانطلاق الراديو الكتائبي. في وقت يرى بعضهم أن كلام «الكتائب» لا يتجاوز الفرقعة الإعلامية، وأنّ انطلاق إذاعة الحزب لن يحصل.
وعمليّاً، لا يبدو حزب الكتائب جاهزاً لإطلاق إذاعته في المدى المنظور. إذ إنّه يطالب بما يمتلكه أساساً من معدات وأدوات صارت أصلاً خارج نطاق الاستخدام، في ظل التطور التقني السريع. وقد اشترت «الشركة العصرية» آلات جديدة، «كل ذلك مثبت بفواتير تعود ملكيتها إلى الشركة لا إلى الحزب» تجيب الإذاعية وردة زامل. لذا، فإن ما سيبقى من الإذاعة القديمة، هو خردة صارت خارج نطاق الاستعمال اليومي لأن كل المواد البرامجيّة والغنائيّة باتت متوافرة على الكومبيوتر.


تغطية سياسية

باتت الأمور محسومة، «صوت لبنان» الحالية ستحتفظ باسمها واللوغو الخاص بها وبموجات البث أيضاً. لكن ثمة من يروّج بأن قراراتها ليست في يد إدارتها الحالية بل في يد نازك الحريري (الصورة) وتيار «المستقبل». ويعتبر آل الحريري الممولين الرئيسيين للإذاعة الحالية. ويرى بعضهم أن هذه العلاقة بين «المستقبل»، وإدارة الإذاعة الحالية تؤمّن تغطية سياسية للإذاعة، وتقدّم لها تسهيلات إعلامية وسياسية واسعة. كما أن هذه العلاقة تسهم في التستر على مخالفات قانونية ترتكبها الإذاعة في ظلّ وجود ما يقال إنه «توصية من جهاز رسمي لحماية هذه المخالفات».