وسام كنعان
لعلّ الحدث الأبرز في دراما رمضان 2010 في سوريا كان عدد الخلافات بين كتّاب السيناريو والمخرجين. إذ أعلن عدد كبير من الكتاب عدم رضاهم عما آلت إليه نصوصهم، بعدما عدّل بها المخرجون على هواهم. وقد يكون «الصندوق الأسود» للكاتبة رانيا بيطار الأكثر تضرراً على هذا الصعيد. أمضت بيطار ثلاث سنوات في كتابة نص «الصندوق الأسود» لتبيعه إلى شركة «سوريا الدولية». لكن يبدو أن الشركة لم تتعلم من ثغر تجاربها السابقة، فقررت إسناد مهمة الإخراج للمخرج الشاب سيف الشيخ نجيب. هكذا، اتسم المسلسل بالاستعجال، والاستسهال في إنجاز المشاهد. كما أن خيارات الممثلين لم تقنع المشاهد. هكذا رأينا جلال شموط يلعب دور ابن زهير عبد الكريم، وضحى الدبس أماً لمرح جبر!
كذلك لم تبرر الطبيعة الخلابة لمواقع التصوير سعي المخرج إلى التقليد الأعمى للدراما التركية التي حققت رواجاً لدى المشاهد العربي بفضل الدوبلاج. واختار سيف الشيخ نجيب أن تدور أحداث قصته في فيلا تحوّلت تلقائياً إلى بطلة العمل، بسبب إصراره على تصويرها من مختلف الزوايا. كما سارت القصة من دون تشويق وبأجواء خريفية جعلت الملل يتسرّب إلى المُتابع. ويعتبر المخرج أكثر من يتحمل مسؤولية تدني مستوى العمل، وخصوصاً أن المُشاهد استطاع أن يلمس جمالية الحوارات المكتوبة التي سرعان ما تحوّلت إلى ثرثرات.
وعن هذا الموضوع، تقول رانيا بيطار لـ«الأخبار»: «تعرّض نصي للتشويه وهو لا يزال على الورق بسبب تدخلات المخرج وإضافات غير مسؤولة لعدد كبير من المشاهد، ثم تغيير جذري في نهايات المسلسل. النتيجة كانت مخجلة للدراما السورية التي يعتبر الكاتب الحجر الأساس في نجاحها». وتضيف: «التطويل الذي حصل كان نتيجة حذف عدد كبير من المشاهد، وإضافة مشاهد من مخيلة المخرج، وبدا إقحامها دخيلاً».
هذه الصدمة دفعت بيطار إلى القول «كنت في صدد كتابة الجزء الثاني من مسلسل «أشواك ناعمة» الذي حقق قبل سنوات حضوراً متميزاً على الشاشات العربية، لكنني توقفت عن الكتابة بسبب ما حصل معي في «الصندوق الأسود»». وتشرح: «ما دامت ثمرة جهد الكاتب وتعبه يمكن أن تقع بين يدي مخرج ينطبق عليه مفهوم الأمية بالنسبة إلى الإخراج، فمن الأفضل لنا ككتّاب أن نبتعد عن رمي هذه الجهود بين أيادٍ لا تحترمها».
ليس صعباً على أي مشاهد أن يكتشف التراجع الواضح للدراما السورية هذا الموسم، الذي يعود في المقام الأول إلى تدخلات بعض المخرجين في جوهر النص، ومحاولة استعراض مهاراتهم المتواضعة في كتابة السيناريو.